لقد توقعنا أنه سيكون من الممكن أن نميز بين نص مخطوطنا ونسخة أخرى مفقودة لكتاب ابن سلام نقل عنها الشماخي لإثبات القدم النسبي للمخطوطين، ولكن خاب أملنا. فطريقة الاستشهاد غير الحرفي التي سلكها الشماخي، لا تترك المجال الكافي لمثل هذا التحليل على أساس مقارنة ما نقله الشماخي مع نص مخطوطنا. فالدلائل التي يمكن الحصول عليها ليست قاطعة. وبهذا الخصوص نود ان نشير إلى فصل معين من النص. نلاحظ أن الناسخ في ص60 قد غابت عنه عدة كلمات سهواعند نسخه للفقرة 20 التي تحتوي على "تسمية الفقهاء". ولعل هذا يرجع إلى ما يأتي قبل اسم كل فقيه من صيغة متكررة هي: "ورجل يقال له... "، وانحرفت أنظار الناسخ بعد كتابة أول اسم فقيه إلى الاسم التالي وواصل النسخ وبه خلط الإسمين، "أبو يوسف" و"أبو الفتاح"، وأصبح اسما واحدا هو "يوسف الفتاح"(7).
وإذا ثبت فرضنا هذا، المعتمد على الاختلافات الظاهرة عند المقارنة مع كتاب السير للشماخي، فلن يكون ذلك دليلا كافيا على استغلال الشماخي لمخطوط أقدم من مخطوطنا. وهذا وما أشار الشماخي إليه من إغفاله لبعض "كلام" ابن سلام ذي ذات الموضع المذكور هو دليل فقط على أنه وقعت عيناه على نسخة لكتاب ابن سلام كانت ذات نص أكمل وأوسع في ذلك الموضوع المحدود. وأسباب الاختلافات الواردة في مخطوطنا مقابل محطوط الشماخي ترجع إلى ما أصاب مخطوطنا من الأخطاء والإسقاط في أثناء نسخة. كما هو من المحتمل أنها ترجع إلى ما تم من تصحيح أو تنقيح على النص الوارد في محطوط الشماخي، ولو اقتصر ذلك على الموضع المذكور. وهذا الشاهد الوحيد من نوعه لا يدل أي دليل على عمر المخطوطين النسبي، ولكنه يثبت على أساس ذلك فقط أن مخطوطنا لم يتم نسخه عن مخطوط الشماخي.
Страница 44