Бертранд Рассел: Очень краткое введение
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
ومع ذلك يحتوي الكتاب على بعض النصائح الوجيهة. ويبدأ راسل بالأطفال الصغار في سن مبكرة جدا، فيؤكد بأنه ينبغي وضع روتين منتظم للأطفال الرضع وإمدادهم بأكبر عدد ممكن من فرص التعلم، وأنه ينبغي إخفاء أي قلق يبديه الأبوان حتى لا «ينتقل القلق إلى الطفل بالإيحاء». وتعكس هذه العقيدة إيمان راسل بأنه ما دام القلق ليس فطريا بين الثدييات العليا الأخرى، فلا بد أن ظهوره على الأطفال يأتي نتيجة لتأثرهم بالبالغين. وذكر قراءه في الوقت نفسه بأنه لا داعي لتعذيب أنفسهم في سبيل أداء واجبهم كآباء، بل أن يحرصوا على الموازنة بين مصالحهم ومصالح أطفالهم.
كان راسل يرى أن المعرفة في حد ذاتها تعمل كأداة للتحرير ووسيلة للوقاية من الخوف. والاهتمام بالأشياء الظاهرية - وهو من أهم الأفكار الرئيسة كذلك في كتابه «الفوز بالسعادة» - وسيلة قوية لضمان معيشة تقوم على الشجاعة والسعادة. ويتحدث راسل أيضا عن كيفية تشجيع الصدق والكرم: وذلك ليس بالاعتماد على عقاب أضدادها - ما دام أن ما قد يبدو ظاهريا أنه كذب مثلا ربما يكون في الواقع ممارسة للخيال - بل بتشجيع الخصال الإيجابية عند ظهورها. من هذه الناحية، ربما كان مسرفا في التفاؤل حيال علم نفس الصغار، كما أقر لاحقا. وسرعان ما علمته تجربته كمعلم أن الأطفال قادرون على الأذى، وأن الأذى قد يزداد فظاعة في حالة تركه دون عقاب، كما في رواية «أمير الذباب».
ولكن حتى في هذه الآراء المبكرة لم يكن راسل يؤيد مبادئ «سياسة عدم التدخل»، خاصة فيما لا يتعلق بالدراسة. وكان يرى أن اكتساب عادات الانضباط الذاتي والتركيز سيثبت أنها تدعم تحرير المرء على المدى الطويل، ومع أنه كان يؤكد أنه ينبغي إشراك الأطفال بجذبهم لأداء المهام المدرسية المطلوبة منهم بدلا من إجبارهم عليها، فلم يكن معارضا لدفعهم لبذل الجهد الشاق عند الضرورة. وقد قال إنه ينبغي أن يصبح الأطفال قادرين على القراءة وهم في سن الخامسة، وينبغي أن يبدءوا في تعلم لغتين مبكرا، وقال إن أساسيات الرياضيات تتطلب التدريب، وإنه ينبغي توفير هذا التمرين على أساسيات الرياضيات للأطفال. وقال إنه من الممكن الاستمتاع بالشعر والمسرحيات في سن المدرسة الابتدائية، ولكن التذوق الحقيقي للأدب لا يأتي إلا في مرحلة لاحقة، وإن تذوق الآداب الكلاسيكية والتاريخ والعلوم يأتي في مرحلة لاحقة أيضا؛ وبحلول هذه المرحلة ينبغي أن يختار التلميذ - بعد تجربة هذه المواد الدراسية - المادة التي تثير اهتمامه أكثر، ويتابع دراستها بنفسه (عن التعليم، ص18، 162).
شكل 4-3: صدم راسل من مدى حدة التنمر الذي تشهده مدرسة بيكون هيل. وكان يرى ذلك كصورة مصغرة من السلوك الوحشي الذي ينتهجه الكبار، وكدلالة على أن الغلو في الوطنية والحرب من الحقائق المحتومة في الحالة البشرية.
3
تتسم هذه الآراء المتعلقة بالمقرر الدراسي بطابع تقليدي بما يكفي. أما ما لم يكن تقليديا، وتسبب في فضيحة في ذلك الوقت، فهو ما قاله راسل عن تعليم الجنس. وانطلقت شائعات فورية عن مدرسة بيكون هيل؛ وتقول إحدى تلك الشائعات إن أسقفا وصل عند باب المدرسة فلما رأى طفلا عاريا صاح قائلا: «يا إلهي!» فرد عليه الطفل العاري قائلا: «لا يوجد إله.» ولكن في الواقع كل ما كان يؤكده راسل هو أنه لا ينبغي أن ندفع الأطفال إلى القلق بشأن أجسادهم؛ ومن ثم ينبغي إطلاعهم بهدوء على التفاصيل الأساسية للجنس قبل وصولهم إلى سن البلوغ، وأن أحد الأسباب الوجيهة التي تبرر البداية المبكرة هو منعهم من التعرف على الجنس بطرق غير لائقة ومحمومة. وكان راسل مترددا حول ما إذا كان الاستمناء سلوكا مفيدا أم لا، وذلك في موقف تقليدي إلى حد يدعو إلى الدهشة، وهو موقف يتماشى مع الرأي الطبي السائد في ذلك العصر؛ لذلك لا يمكن اتهامه بالإدلاء بآراء خطيرة في هذا الموضوع على الأقل.
بعد خمس سنوات، ألف راسل كتاب «التعليم والنظام الاجتماعي» (1931)، وذلك بعد تجربته المباشرة في المدرسة التي أنشأها. وقد حافظ في هذا الكتاب على معظم آرائه الواردة في كتاب «عن التعليم»، ولكنه أصبح يصفها في هذه المرحلة ب «النظرية السلبية» وأقر بأنها بحاجة إلى إضافات. وتقول النظرية السلبية إن مهمة التعليم هي توفير الفرص والقضاء على العقبات حتى يتمكن الأطفال من التطور على طريقتهم هم. وأصبح راسل يرى في هذه المرحلة أن ما هو مطلوب أكثر هو أن يتلقى الأطفال تدريسا إيجابيا من حيث الانسجام مع الآخرين. وقد روعته حوادث التنمر التي شهدتها مدرسة بيكون هيل، واعتبر ذلك كصورة مصغرة من السلوك القاسي الذي ينتهجه البالغون، بل الذي تنتهجه دول بأكملها. وقد زادت التجربة من قلقه بشأن حقيقة أن انعدام التعقل والعدوانية من الصفات الفطرية، وجعلته ييأس من العالم؛ لأنها أوحت له بأن الغلو في الوطنية والحرب من الحقائق المحتومة في الحالة البشرية.
لم يبالغ راسل قط في توقعاته للتعليم. ولكن بالرغم من خيبة أمله بسبب تجربته العملية في التدريس، ظل يحتفظ بإيمانه الليبرالي الذي تميز به بأنه يجب أن تنعقد الآمال على التعليم أساسا من أجل عالم أفضل. كان راسل في كتاباته الموجهة إلى القراء العاديين التي تتناول المسائل الاجتماعية والسياسية يحاول بلا كلل أن يؤدي مهمة واحدة: وهي التعليم، وكان العالم بأكمله هو الفصل الدراسي. وبصرف النظر عن كل شيء، لم يفقد راسل الأمل قط في إمكانية تنشئة أشخاص مفعمين بالحيوية وشجعان ومرهفي الحس وأذكياء، فقط إذا حصلوا على الإرشاد المناسب في الطفولة.
السياسة
كان راسل يرى أننا إذا أردنا أن نفهم السياسة، فلا بد من أن نفهم السلطة؛ فكل المؤسسات السياسية يعود أصلها منذ زمن طويل إلى السلطة؛ في البداية، سلطة زعيم القبيلة أو الملك الذي كان يخضع له الناس بدافع الخوف؛ وفيما بعد، إلى النظام الملكي الذي دان الناس له بالولاء على سبيل العادة. وكان راسل يختلف مع من يرون أن المجتمع المدني نشأ من «عقد اجتماعي» أصلي تخلى الأفراد بموجبه عن جزء من حريتهم في مقابل فوائد - أهمها الأمن - تمنحها الحياة الاجتماعية. وقال إنه إذا كان يوجد عقد أصلي فهو عقد بين أفراد الصفوة الحاكمة - فهو «عقد بين الفاتحين» قبلوا به بهدف تعزيز وضعهم وامتيازاتهم (السلطة، ص190).
Неизвестная страница