قال في شيء من الحدة: جل من لا يسهو.
أطفأ التليفزيون وغادرنا المنزل. أخذنا سيارة أجرة إلى أحد الشوارع المتفرعة من كورنيش المزرعة. وتركنا السيارة أمام مبنى محطم، وولجنا مبنى مجاورا حديث البناء، ذا شرفات عريضة زينتها النباتات.
قال ونحن نرتقي الدرج: هل تحب أن تصعد إلى الجبل غدا؟ سأذهب مبكرا مع صحفية كندية. ويمكن أن أطلب منها إحضار صديقة لها.
فكرت لحظة ثم قلت: لا أظن أني أستطيع؛ فلا بد أن أعمل.
قال: غدا الأحد.
قلت: أعرف. سأعمل في البيت.
استقبلنا نزار بعلكي بوقار متكلف. وقادنا إلى صالة أنيقة الأثاث، احتلت جانبا منها مائدة طويلة من الخشب الثقيل، حفلت بزجاجات الشراب وأطباق الشواء والمزات. وأحاط بها عدد من الرجال الذين انهمكوا في نقاش صاخب.
جلست إلى جوار قصاص عراقي يعمل بإحدى دور النشر البيروتية. وكنت أعرف اثنين آخرين من الجالسين؛ أحدهما سينمائي سوري، منع البعثيون عرض فيلم له عن تربية الأرانب. والثاني باحث فلسطيني يحضر لدرجة الدكتوراه من جامعة القاهرة.
وضع نزار كأسا صغيرة فارغة أمامي وأخرى أمام وديع، وصب فيهما ملء إصبع ونصف من العرق، ثم أضاف نفس القدر من الماء وقطعة من الثلج. وابتلعت الكأس مرة واحدة.
تبينت أن النقاش يدور حول موقف الشيوعيين اللبنانيين أثناء الحرب الأهلية. وكان ثمة رجل ضخم الجثة ذو شارب كث، يدعى مروان، يتهمهم بالخيانة؛ لأنهم أضاعوا فرصة الاستيلاء على السلطة.
Неизвестная страница