جاهد طويلا في منع النوبة، مركزا جل ما تبقى من انتباهه، أين؟ على ذلك الجاثم في مرآته، حكاياته من شفوية ومدونة، ذلك الصراع الإمبراطوري المقدس، للذبيحة الرومانية يوليوس قيصر.
أراحه قدرته على الإفلات من حصار الحالة، واصل تنفسه المتعسر ملقيا بنفسه على الفراش. نام.
الفصل التاسع
من مطلع النهار قام من فوره متصعبا، ناشف الريق، متأملا أوراقه المبددة المنكفئة من هنا وهناك، وأزعجه أكثر ألوان ستائر البيت، وتلك الكثرة من الورود الصناعية والصحراوية التي تزحم فازات الشقة، تأمل شريحة البحر الممدد الصافي من الشرفة؛ حيث على الجانب المقابل منه يتربص العدوان وهو يرتشف قهوته السادة، مسترجعا قهوة الأمس، وتصور دهرا متصلا متلاحقا لم تشرق له شمس قط، ذلك الأمس الأبعد من اليوم بالغد، يا لها من ليلة! تلك السراديب المنسابة التي منها وعبر شقوقها تسربت شخوصه من موتى وأحياء، جميعهم جاءوه وحاوطوه إحاطة السوار بالمعصم جنبا إلى جنب، الخالق الناطق، ذات التماثل، الإحساس بهم معا: الموتى الأحياء.
تساءل وهو يغير ملابسه متخاذلا استعدادا للخروج للنادي لحضور السيمنار الدولي، حول ذات الموضوع ... اللاآمن: كيف حدث؟
وفي النادي حاول جاهدا طرد الأمر كله، بل ربما الرحلة بكاملها بدءا من وباء السادات ومهاتراته، مرورا بصول عمان المختبئ، حتى العالية وقهوتها المرة.
كان الحفل قد بدأ فأضيئت أضواء القاعات بالإضافة للتليفزيون الملون.
اتخذت الوفود أماكنها مع انفتاح باب أقصى القاعة المواجهة ودخول الرئيس ورؤساء الأقسام، ودوت القاعة بالتصفيق لثوان متصاعدة، لحقها هو على الفور مصفقا، بل هو قام واقفا معبرا أكثر عن حماسته ويقظته، وهو الخبير الجديد في حكايات القرى ... الجدات.
جلس وحده حين أخذ الرئيس ونائبه مقعديهما جنبا إلى جنب.
وكذلك بقية الوفود والضيوف من محدثين ومستمعين ومراقبين ومتفرجين.
Неизвестная страница