Между приливами и отливами: страницы о языке, литературе, искусстве и цивилизации
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
Жанры
Langue romane
المحضة، وهي شديدة الشبه بالفرنساوية والبروفنسالية.
سبق القول أن روما قبل أن تتأثر بالمدنية الإغريقية لم تكن على شيء من الآداب؛ إذ يتعذر إطلاق هذا الاسم على بعض الأناشيد الدينية، والنكات المبتذلة، وفن الإيماء أو التخييل
الذي كان يطرب له اللاتين طربا شديدا.
على أن اختلاطهم باليونان بث فيهم الميل إلى الاقتباس والاستيحاء والرغبة في إيجاد الآداب الكتابية، فكان الشعر اللاتيني في بادئ الأمر يحتذي الشعر اليوناني في الأساليب والموضوعات، أو يكتفي بنقله إلى اللاتينية معنى ومبنى.
وكان المؤرخون أول الناثرين، وأشهرهم كاتو الرقيب
4
الذي وضع تاريخ أمهات المدن الإيطالية، ووضع آخرون تواريخ عامة أو خاصة في الشعوب اللاتينية، وهم في الغالب يتحدون مؤرخي الإغريق في سياق الكلام وتصنيف الفصول وتبويب التآليف، وقد ظلت البلاغة اللاتينية على جفوة وحوشية مدة طويلة، فما إن استوحت الإغريق؛ حتى انقلبت فنا مرنا جزلا استمر يصقل ويتكامل بفعل بيانهم، وكان نظام روما السياسي ملائما لفن الخطابة؛ إذ كانت أساليب الكلام متوافرة للمحامين والمتشرعين.
ولقد كانت بلاد اليونان مدرسة روما؛ لأن شبان اللاتين العازمين على الاشتغال بالمحاماة واعتلاء المنابر كانوا يقصدون إلى مدارس اليونان الكبرى لإتمام دروسهم وتثقيف مواهبهم، كما أن كثيرين من الإغريق كانوا يدرسون في روما فن الخطابة والإلقاء. وتدل كتابات العهد المدعو «بعهد أغسطس» (أي آخر قرون الجمهورية) على أن المؤلفين كانوا مطلعين على أشهر مصنفات الإغريق من شعر ونثر، وأنهم يقلدونهم صراحا، وفي مقدمتهم شيشرون العظيم تلميذ اليونان في الخطابة والكتابة والفلسفة جميعا، ومثله المؤرخون والشعراء على وجه خاص.
لكن هذا لا يعني أن الآداب اللاتينية حاشية معلقة على هامش الآداب اليونانية، بل كان لها طابعها الخاص؛ لأنها كانت أكثر من تلك امتزاجا بالأحوال العمومية وأظهر لشئون الأمة؛ ذلك أن معظم الكتاب من خطباء ومؤرخين وفلاسفة قاموا بأدوار سياسية، فكان لعلمهم وآرائهم وخبرتهم أثر فعال في مصالح الدولة، وكفى أن يذكر منهم: شيشرون، وقيصر، وماركس أوريليوس، وتاشيتوس، وپلينوس الأول، وپلينوس الثاني، ليثبت لنا ما تقدم، ولما كانت الآداب اللاتينية ذات اتصال بالحركة السياسية كان اللاتين جاهلين اتباع الفن لذاته، الأمر الذي كان رائد اليونان في معظم آدابهم وفنونهم. •••
Неизвестная страница