Между религией и философией: Мнение Ибн Рушда и философов средневековья
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Жанры
على أن هذا الصنيع من ابن ميمون كان حظه النقد الشديد من «سبينوزا» كما أشرنا إلى ذلك من قبل، إن هذا الفيلسوف اليهودي الهولندي (1632-1677م) يقرر في رسالته «في اللاهوت والسياسة» أن الكتاب المقدس قد شقي بمن سلطوا عليه التأويل في جرأة لا نجدها لهم إزاء كتاب غيره، ثم ينتهي بتأكيد أن طريقة ابن ميمون لا فائدة منها مطلقا، وبأنها لا تدعنا ندرك المعاني الحقة للكتاب المقدس، وإذن يجب رفض صنيع ابن ميمون باعتباره عملا ضارا وعابثا.
33 •••
وموقف سبينوزا هذا واضح، وذلك متى لاحظنا رأيه في العلاقة بين الوحي والعقل أو بين الدين والفلسفة، فهما متمايزان في الطبيعة والغاية كما ذكرنا من قبل؛ ولهذا يجب الفصل بينهما وإبقاء كل منهما مستقلا في دائرته الخاصة به. (4) التأويل لدى رجال الكنيسة المسيحية
نحن الآن في العالم المسيحي حيث يوجد دين جديد له كتاب موحى به، ويحاول أن يكون عالميا، ويجد نفسه إزاء الفلسفة اليونانية التي صارت عالمية بالفعل، ويرى مفكروه في هذه الفلسفة حقائق لا يمكن إنكارها، وبعضها لا يتفق وبعض نصوص الكتاب المقدس لهذا الدين السماوي، فكيف العمل؟
كيف سيعمل رجال هذا الدين إزاء هذه الفلسفة؟ أينكرون ما فيها من حقائق تعارض كتابهم المقدس، وحينئذ لا يتكلفون عناء تفسير ما جاء بكتابهم تفسيرا فلسفيا؟ أم يعترفون بها، وإذن لا بد من تأويل بعض النصوص الدينية لتتفق وتلك الحقائق؟
هكذا وضعت المشكلة أمام مفكري العصر المسيحي وفلاسفته من أول ظهور المسيحية إلى نهاية العصر الوسيط، بل إلى هذه الأيام، كما وضعت من قبل أمام مفكري اليهودية، وكما ستظهر من بعد أمام فلاسفة الإسلام.
وليس علينا هنا تحقيق كيف يعلل رجال الكنيسة معرفة فلاسفة اليونان ما عرفوا من حقيقة: هل ذلك لأنهم أفادوا مباشرة إلى حد قليل أو كثير من الكتب الموحاة، كما يرى البعض ومنهم القديس بولص نفسه متأثرين برأي فيلون الإسكندري؟ أو لأن كل إنسان له حظه من الوحي الطبيعي الذي مصدره «الكلمة
Le Verbe » هذا الوحي الذي سبق في الزمن الوحي الذي مصدره الكلمة بعد أن تجسدت، على ما يفهم من إنجيل القديس يوحنا.
ليس علينا تحقيق هذا التعليل، ولكن نشير إلى أن «لاكتانس
Lactance » المتوفى سنة 325، هذا المسيحي الحقيقي يعترف بأن كلا من هؤلاء الفلاسفة عرف جزءا من الحقيقة، وأن هذه الأجزاء في مجموعها تكون الحقيقة كاملة، وكذلك نشير هنا أيضا إلى أن القديس أوغسطين المتوفى سنة 430، يرى من بعد «لاكتانس» أن ما هو حق من الفلسفة الأفلاطونية الحديثة يوجد في إنجيل يوحنا، بل إنه ليوجد في سفر الحكمة حقائق لم يعرفها أفلوطين نفسه.
Неизвестная страница