Между религией и философией: Мнение Ибн Рушда и философов средневековья
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Жанры
91 •••
وهكذا نرى في الأندلس البطليوسي يندب نفسه قبل ابن طفيل للتوفيق بين الحكمة والشريعة، وهكذا نراه مثل الغزالي بالمشرق يخالف الفارابي وابن سينا فيما ذهب كل منهما إليه خاصا بعلم الله تعالى، ولكنه يخالفهما ليوفق بين الدين والفلسفة، لا لمجرد التشهير بهما ورميهما بالكفر، وهكذا نرى البطليوسي يعمل للتوفيق بين الشريعة والفلسفة بالطريقة والوسائل التي ذكرناها.
ولكن ليس لنا أن نزعم أنه نجح كل النجاح، ولا أنه كان طريفا فيما ذهب إليه من وجوه التوفيق، وغرضنا هنا كما كان بالنسبة إلى السجستاني من قبل بالمشرق، أن نشير إلى أنه من الواجب على مؤرخ الفلسفة الإسلامية أن يدخل في دائرة بحثه مفكرين من هذا الطراز، وإن كانوا حتى اليوم غير معروفين في دائرة التفكير الفلسفي، وألا يقتصر - كما جرى الأمر حتى اليوم - على بحث الفلاسفة المشهورين أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد.
إن ذلك يعيننا على تتبع تاريخ الفكر الإسلامي في هذه الناحية، ناحية التوفيق بين الدين والفلسفة، كما يعيننا في سائر النواحي الأخرى التي عالجها فلاسفة الإسلام. (2-2) ابن طفيل
عاصر أبو بكر بن طفيل فيلسوفنا ابن رشد ردحا من عمره، وعاش عيشة هانئة في رعاية أسرة الموحدين حتى توفي سنة 581ه/1185م في عهد السلطان أبي يوسف يعقوب، وقد عني عناية حقة بالتوفيق بين الدين والفلسفة، حتى إنه يمكن أن يقال بأن الغرض من قصته الفلسفية «حي بن يقظان» كان إظهار هذا الاتفاق والتدليل عليه.
ولذلك لما التقى بطله «حي» وقد وصل إلى الحقيقة بالنظر العقلي، ب «آسال» وقد عرفها من الدين، وقص كل منهما على الآخر أمره، ثبت لهما أن الحقائق التي وصل إليها العقل وعرفت بالوحي متطابقة تطابقا تاما.
92
وهذا ما يقوله لنا ابن طفيل نفسه حين يقص علينا تفصيل ما كان بين بطله «حي» وصاحبه «آسال» الذي «وصف له جميع ما ورد في الشريعة؛ من وصف العالم الإلهي، والجنة والنار، والبعث والنشور، والحشر والحساب، والميزان والصراط، ففهم «حي بن يقظان» ذلك كله ولم ير فيه شيئا على خلاف ما شاهده في مقامه الكريم.»
93
ولهذا نرى المراكشي والمقري يصفان ابن طفيل بالاجتهاد في التوفيق بين الحكمة والشريعة.
Неизвестная страница