Между религией и философией: Мнение Ибн Рушда и философов средневековья
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Жанры
الفصل الرابع
بين ابن رشد والغزالي
سنعرض في هذا الفصل الأخير المسائل التي اشتد من أجلها الخلاف بين الغزالي والفلاسفة المسلمين، أو بعبارة أدق بين الغزالي والفارابي وابن سينا، وكانت سببا في أن كتب الغزالي كتابه المعروف «تهافت الفلاسفة»، كما كانت أيضا سببا لأن قام ابن رشد يرد على الغزالي بكتابه المعروف «تهافت التهافت».
فهما معركتان إذن لا يزال لهما أثرهما العميق في التفكير الفلسفي الإسلامي، وقد أثار الأولى الغزالي في كتابه العنيف، وأثار الثانية ابن رشد بكتابه العنيف أيضا الذي أراد به هدم الكتاب الأول، ومن الطبيعي لذلك أن نبدأ بما كان من الغزالي وننتهي بما كان من ابن رشد. (1) الغزالي وتهافت الفلاسفة (1)
كان من قدر الله أن يصير أبو حامد أحمد بن محمد الغزالي (450-505ه) حجة الإسلام، وذلك على الأخص بكتابيه الخالدين: إحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة.
فالأول يشمل ما به يكون المسلم مسلما حقا أهلا للسعادة في الدنيا والآخرة، من علم الكلام القائم على الكتاب والسنة والسهل الفهم والإقناع، والأمور العملية الأساسية الدينية كالعبادات والعادات الطيبة؛ فيما يتصل بالزواج والاتجار والسفر، وغير ذلك من شئون الحياة، ومن التصوف والأخلاق القائمين على المعرفة بالنفس الإنسانية معرفة أكيدة حقة، ومن غير هذا وذاك كله مما فيه غذاء صالح لقلب الإنسان وعقله وروحه.
ولذلك تقبل المسلمون وما يزالون إلى اليوم هذا العمل الضخم القيم بقبول حسن، والكثير يجد فيه تصحيحا لدينه وغذاء لروحه وطمأنينه لقلبه؛ على أن هذا لم يمنع من أنه لما وصل الكتاب إلى بلاد المغرب رأى بعض الفقهاء المتعصبين أنه يحوي كثيرا من البدع المخالفة لسنة الرسول، فكان من ذلك فتن كثيرة انتهت بالأمر بإحراق نسخ الكتاب، وربما أحرق فعلا بعضها.
1
والكتاب الثاني جاء وقد بلغت الفلسفة الإسلامية ذروتها أو كادت على يدي الشيخ الرئيس ابن سينا، ووجد كثير من المسلمين أنها حوت آراء كثيرة لا تتفق وما يعرفون من العقائد الدينية الأساسية، فظهر الغزالي بهذا الكتاب «والناس - كما يقول تاج الدين السبكي - إلى رد فرية الفلاسفة أحوج من الظلماء لمصابيح السماء، وأفقر من الجدباء إلى قطرات الماء.»
2 (2)
Неизвестная страница