Между религией и философией: Мнение Ибн Рушда и философов средневековья
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Жанры
52
ثم يلخص ابن رشد هذا الرأي بأن الإنسان يوصف بالعدل تارة، وبالجور أخرى؛ لأن الشرع أمره ببعض الأفعال ونهاه عن البعض الآخر، فمن أتى ما رضيه الشرع كان عادلا، ومن أتى ما نهاه عنه الشرع ووصفه بالجور كان جائرا، أما الله سبحانه وتعالى وهو فوق كل أمر وتكليف، فليس في حقه فعل هو جور أو عدل، بل كل أفعاله عدل، وكان من هذا أن قالوا ليس شيء في نفسه عدلا، ولا شيء في نفسه جورا، بل كل ذلك يرجع إلى الشرع الذي أمر بأي معصية لكان ذلك عدلا، وهذا في غاية الشناعة وخلاف المسموع والمعقول!
53
هكذا يرى فيلسوف الأندلس أن موقف الأشاعرة في هذه المسألة «خلاف المسموع والمعقول»؛ وذلك لأن الله وصف نفسه بأنه القائم بالقسط، وبأنه لا يظلم، وهذا إذ يقول (سورة آل عمران: 18):
شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط ، وإذ يقول (سورة فصلت: 46):
وما ربك بظلام للعبيد ، وإذ يقول أيضا (سورة يونس: 44):
إن الله لا يظلم الناس شيئا . يريد فيلسوفنا بهذا أن يقرر على ما نعتقده، بأن هذه الآيات - وأمثالها في القرآن - تشهد بأن من الأفعال ما هو في نفسه عدل كثواب المطيع، وما هو في نفسه ظلم كتعذيب البريء الذي لم يجترح إثما.
ولكن الغزالي مثله في هذا مثل سائر الأشاعرة، يرى هنا أن لله ألا يثيب المطيع كما له أن يعذب الحيوان والطفل البريء بما يشاء، وأنه بهذا وذاك لا يكون ظالما؛ لأنه يتصرف في ملكه بما يريد، وكما يرى هو لا يرى غيره، فلا يتصور في حقه الوصف بالظلم، ما دام شرط هذا الوصف غير موجود في حقه، وهو التصرف في غير الملك أو مخالفة أمر من له عليه حق الأمر.
54
على أن لنا أن نقول بأن الأشاعرة حين ذهبوا هذا المذهب في هذه المسألة، تناسوا أن يقولوا بأنه تعالى وإن كان لا يجب عليه إثابة المطيع إلا أنه سيفعل هذا حتما تحقيقا لوعده به، ومن أوفى بوعده من الله! إنه حين تحل هذه المشكلة هذا الحل الذي يحقق لله العدالة والإرادة والقدرة بإطلاق، يشعر الإنسان أنه تحت حكم إله ليس عادلا كل العدل فحسب، بل ورحيما أيضا إذ وعد بالمغفرة لمن تاب من العصاة، وأنه لن يضيع أجر من أحسن عملا.
Неизвестная страница