Между африканским львом и итальянским тигром: аналитическое, историческое, психологическое и социальное исследование итальянской проблемы в Эфиопии
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
Жанры
1
وقد ضحت مصر بما تستطيع بذله من مال ومعونة في الأرض والبحر والهواء؟ وسوف تضحي بأكثر من ذلك.
إن مصر لا تريد أن تنتهز فرصة سانحة إذا كان في انتهاز هذه الفرصة ما يغضب أصدقاءها، ولكن العدل والحق والعرف وحسن الذوق (وقد اشتهرت إنجلترا بكل هذه) تقضي جميعها أن يقدر هؤلاء الأصدقاء هذا «الموقف المصري المشرف». وفي الحق أن عملا كهذا الذي نؤمله من جانب إنجلترا يعلي شأنها في العالم كله، ويكون بمثابة ضمان للسلم والطمأنينة، وله قيمته في السياسة الدولية، وفي التاريخ الإنساني.
إن مصر لا تريد أن تبرق أو ترعد، ولكنها تريد إقرار الحق، ووضع الأمور في مواضعها في هدوء وسكينة، ولا لوم عليها ما دامت أمم العالم وفي مقدمتها بريطانيا العظمى تريد أن تضع الندى في موضع السيف، وأن ترفع صوت الحق فوق صوت المدافع، وتعلي «همسة العدالة» على أزيز الطائرات.
وفي نظرنا أن مصر التي تريد أن تتحد لتقابل الحوادث بصدر رحب، ووجه سمح، وفم باسم ، سوف تكون في صداقتها أنفع وأجدى وأغلى وأعلى، وأرفع منها غاضبة أو مكشرة عن أنيابها، وقد عرفت قيمة الصبر على الشدائد، وحاشا أن تتقدم مصر في «موقفها المشرف» بغضب أو فتنة، أو تحاول الظهور بغير مظهر الود والمحبة.
وإن مصر قد عرفت بالتجربة والاختبار أن ميدان السلم أوسع من ميدان الحرب وأفسح، وإنجلترا علمت العالم أن الأكاليل التي تنال بعد النصر الأدبي أسمى وأشرف وأثمن مما ينال بالنصر الحربي، وإنجلترا تعلم أن هذه الرغبة تتردد في نفوس المصريين جميعا لا يشذ منهم حاكم ولا محكوم.
ومصر تنتظر بفارغ الصبر أن تسمع كلمة بريطانيا، لا في إذلالها وإخضاعها، ولكن لمناصرتها والأخذ بيدها. ومصر لا تطلب هذا خوفا ولا جبنا، ولكنها تطلبه نتيجة للتعقل والتبصر. لقد قيل - إن صدقا وإن كذبا - إن إنجلترا تعتبر انتهاز هذه الفرصة فاجعة عظمى، ولكن هذا يصح إن كانت مصر تبطن غير ما تظهر.
والحقيقة أن مصر مخلصة في حسن نيتها، طاهرة اليد والذيل من الغدر وتبييت الشر، بعيدة البعد كله عن إرادة السوء، وما على بريطانيا إلا أن تبر بعهدها، وتفي بوعدها الشريف، وتتمم تصريح 28 نوفمبر راغبة مختارة، لا مرهقة ولا مرغمة، وحينئذ تعتز إنجلترا بعملها، وبحليفتها القديمة الحديثة، وصديقتها المخلصة مصر!
ليس لمصر مطالب بالمعنى الذي يسبق إلى الذهن السياسي، ولكنها تريد متممات لحياتها الدولية. تلك المتممات التي توثق علاقتها بالدول، وتقوي ما بينها وبين بريطانيا من الروابط دون أن تمس مصالح الإمبراطورية بسوء. ومصر تعلم حق العلم أنها لا تستطيع ذلك، وهي لا ترغب فيه.
وقد رأت بريطانيا ورأت مصر أن هذه المملكة الوسط بين القارات الثلاث لا بد أن تكون ميدانا ذا شأن في كل حرب تقع بين دول أوروبا، وقد قال عنها بونابرت: «مصر أهم مملكة في العالم.» لهذا السبب. ولما كان سلطان القانون الدولي آخذا في النمو والتجلي، فمصر تود أن تتقي أخطار المستقبل بانضمامها إلى عصبة الأمم.
Неизвестная страница