فقطعته ريتا وقالت: ستذهب عنا يا مكسيم شهرا كاملا. - نعم، شهرا فقط فلا تستائي. - إن لفظة فقط تدل على أنك تشتهي أكثر. - إن أمي منذ أربعة عشر شهرا لم ترني، ولم تقبل خدي، ولم تضمني إلى أحضانها، وأنت أعلم مني بقلوب الأمهات ...
فأخذ عمي يدها وقبلها، ثم قال: أنت أجمل النساء وأجدرهن بالإكرام.
كان عمي على كبره فكه الحديث، رقيقه، غض الوجه، رطيبه، يميل إلى النساء، ويهوى مغازلتهن، فهو في مشيبه مثله في شبابه، لولا مرض أقعده وألزمه أن يتوكأ على عصاوين.
فقال: أين هنري فركنباك؟ إني أريد مقابلته، فسلوه إذا كان يسمح لي بها.
فذهبت ريتا للحال، وأتت بالولد، فقمنا إليه نقبله، ونداعبه، واخترع له عمي ألف حركة مضحكة.
وقال لريتا: إن كل ما أعطيت من الجمال لا يعد شيئا بجانب هذا الجمال، على أنه أشبه بك منه بأبيه.
فدخل جان، وأعلمهم بقدوم درتيل، فقال البارون: سنسأل درتيل عن صحة هنري اليوم، فدخل درتيل، وبعد التحية نظر إلى الطفل، فقال للبارونة: إن بكرك بقدر ما عنده من صحة أبيه عنده من بهائك.
ثم إن البارون عرف عمي بدرتيل فسر الاثنان بهذا الملتقى، وتحدثا مليا في ذكرى أيام الصبا، فقال عمي: إنك تغيرت يا درتيل تغيرا كليا، وكانت تصعب علي معرفتك، لولا من يعرفني بك، فأجابه درتيل: وأنت أيضا قد غيرت أثوابك، فأين الجمال الذي نعرفك به صغيرا؟ والنشاط الذي كنا نعهده فيك صبيا؟ وأين أخلاقك القديمة منها اليوم؟ فإذا شئت أن تعود شابا وتبرأ من علتك، فتناول الطعام عندي غدا لأفحصك وأداويك. - إذا أبرأتني يا درتيل تكون أمهر الأطباء ...
فقطع الخادم عليه الكلام وقال: قد أعد الطعام.
فأخذت ريتا عمي من إبطه وسرنا إلى المائدة، فقالت له: هل تذهب إلى مون دور في العام المقبل؟ فقال: ربما، قالت: أخطر على بالك بائع البواقيت التي من أوفرنيا؟ قال: لا أزال أذكره، قالت: آه، لو كنت هناك، فأشتري منها ولا سيما من الحمراء، قال أتذهبين إلى مون دور لهذا القصد؟ إذا كان ذلك، فأنا أكفيك مؤنة التعب، فأستحضر لك ذلك بواسطة صاحب لي هناك، قالت: يذكرني بها أني يوم عرفتك في مون دور رأيت في يدك شيئا منها، وكنت إذ ذاك جميلا فأجبتها: ولما رأيتك اليوم ذكرت أيام مون دور.
Неизвестная страница