Между религией и наукой: история конфликта между ними в средние века в астрономии, географии и эволюции
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Жанры
Arianism
وقد خدم «سيرفيتوس» كثيرا من حقائق العلم خدمة صادقة. وكان من خدماته الجليلة طبع نسخة من كتاب جغرافية «بطليموس» تكلم فيها عن أرض «يهوذا»
Judea
فلم يذكر أنها «بلاد تفيض عسلا ولبنا» مجاراة للرأي اللاهوتي، بل عرج إلى الحق وجاراه، ذاكرا أنها بلاد «بور» مجرودة غير مأهولة. ولقد اتخذ «جون كالفن» - ألد أعدائه وأقواهم نفوذا - جنوحه إلى الاعتقاد بهذه الحقيقة الجغرافية سببا في أن يحمل عليه أثناء المحاكمة بكل ما أوتي من قوة الدليل والبرهان. وعبثا حاول «سيرفيتوس» أن يثبت لقضاته أنه إنما نقل هذا القول عن نسخة أخرى من كتاب «بطليموس». وسدى ضاعت كل جهوده ليثبت أن هذه الأقوال ليست إلا حقيقة جغرافية بسيطة قامت على صحتها براهين طبيعية عديدة. فلم يكن هنالك من رد عليه سوى القول: بأن كلامه «تحد» بالضرورة لموسى، وانتهاك سافل لسلطة الروح القدس.
ومحصل القول أن أعمال الكنيسة في مقاومة علم الجغرافية قد انحصرت في أن المذاهب اللاهوتية قد مضت متطورة، ولكن على أشد ما يكون مراعاة لنصوص الكتاب المقدس، وأن التصورات التي استمسكت بها الكنيسة خلال قرون عديدة كانت «في كل وقت ومكان، وفي صدر كل إنسان» وعلى وجه عام، منافية لحقائق العلم. غير أنه لا يحق لنا أن نترك هذا الباب مفتوحا من غير أن نضم مصراعيه على بحث نتناول فيه الفرق بين الروح الدينية والروح اللاهوتية.
إن علم الجغرافية مدين للروح الدينية بعدة رحلات، تعد من أبر الرحلات الاستكشافية وأعظمها خطرا؛ فإن الرغبة الشديدة التي قامت في صدر البرنس «يوحنا» البرتغالي لينشر النصرانية ويرفع صوتها كانت سببا في سلسلة تلك الرحلات المشهورة في شواطئ أفريقية، وفي رحلة «فاسكو داجاما»
Vasco da Gama
في الدوران حول رأس الرجا الصالح ورحلة «ماجلان» حول الأرض. ولا شك في أن ذلك الشعور كان سببا في تهيئة الظروف التي مهدت لكولمبوس أسباب القيام برحلته الكبيرة.
وعلى هذا نرى أن تفوق الروح اللاهوتية كان سببا في تزكية النزعة إلى الصورة المذهبية في الدين، تلك الصورة التي برزت في كل عصر من العصور لابسة ثياب الجلاد والصراع، لا لتحارب العلم وحده، بل لتصارع الروح الدينية العليا، بينما نجد أن نزعة البحث عن الحقيقة لذاتها، تلك النزعة التي كانت سببا في كل ما أوحي به للناس من ثمار العلم، لم تنتج في مختلف العصور إلا خيرا، ولم تثمر إلا أشهى الثمرات للدين وغير الدين.
الفصل الثالث
Неизвестная страница