Между религией и наукой: история конфликта между ними в средние века в астрономии, географии и эволюции
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Жанры
Mallet de Fan
البروتستانتي، قد جدد هذه النغمة بعد اتهام «غاليليو» بمائة وخمسين عاما، متخذا منها عضدا يستند إليه في سبيل الوصول إلى نظرة رضى كان ينشدها من رجال الكنيسة القديمة.
على أنه ليس من شيء هو أبعد عن أحكام بديهة العقل الأولية من أن يلجأ كاتب في هذا العصر إلى مثل هذا إذا ما أراد أن يدافع عن الكنيسة، بعد أن نشرت المستندات الأصلية التي حفظت في قضية «غاليليو» بين جدران قصر الفاتيكان، ولم تنشر إلا منذ عهد قريب. فإن خطابات «غاليليو» إلى «كاستللي» وإلى الغراندوقة «كريستين» لم تطبع إلا بعد اتهامه، وعلى الرغم من أن رئيس أساقفة «بيزا» قد عمل جهده لكي تتخذ هذه الخطابات وثائق ضد «غاليليو»، فإنها لم تذكر سنة 1616 إلا عرضا، ولم تذكر البتة في سنة 1633. أما الأشياء التي استند إليها رجال المجمع المقدس سنة 1616 الذي التأم بحضور البابا «بولص الخامس» في اتهام «غاليليو» على اعتبار أنها «منافية للبديهة وخطأ في اللاهوت وهرطقة صريحة؛ لأنها تناقض نصوص الكتاب المقدس» فقضية «أن الشمس هي المركز الذي تدرو الأرض من حوله»، أما الذي اعتبر أنه «مناف للبديهة وخطأ في الفلسفة، وأن أقل ما فيه من وجهة النظر اللاهوتي أنه مناقض للمعتقد الصحيح»، فقضية «أن الأرض ليست مركز النظام الكوني وأنها متحركة، وأن لها دوران يومية.»
وكذلك إذا رجعت إلى أمر البابا «أربان الثامن» الذي نفذه رجال المحكمة التفتيش سنة 1633، فإنك تجد أن «غاليليلو» قد أجبر على أن يقسم متنصلا من «خطأ القول وهرطقة الاعتقاد بأن الأرض تدور.»
أما الشيء الذي حظرته الفهرست بإجازة الأمر البابوي الذي أصدره «الإسكندر السابع» سنة 1664، فكان «كل الكتب التي تعلم دوران الأرض وثبات الشمس»، وكذلك تجد أن ما احتوته الفهرست المصدر بالأمر البابوي والذي يقيد ما جاء به ضمائر المؤمنين، والذي ظل أكثر من مائتي عام مصبوبا عليه لعنة الكنيسة، فكان «كل الكتب التي تؤيد القول: بدوران الأرض.»
وعلى هذا ترى أن «غاليليو» لم يتهم مرة لأنه حاول «أن يوفق بين آرائه ونصوص التوراة».
وبعد أن أخفقت الكنيسة في هذا الميدان، وعجزت عن أن تجد فيه ما يمكن أن يكون دفاعا معقولا عن تصرفاتها، رجع المدافعون عنها إلى الاستتار حول القول بأن «غاليليو» لم يحاكم من أجل الهرطقة بل لعناده وقلة احترامه للمقام البابوي.
وكذلك لقيت هذه الأضلولة الجديدة فرصة أخرى للبقاء زمانا. ومما لا شك فيه أن «أربان الثامن» وهو من أكثر من رأت روما من البابوات أنفة وتشامخا، قد خدعه بعض أعداء «غاليليو» بحجة أنه لم يقم نحوه بكل ما يلزم من واجبات الاحترام الرسمية؛ أولا: لأن «غاليليو» ظل أمينا على مذهبه متعلقا به حتى بعد اتهامه سنة 1616. وثانيا: لأنه أشار في كتابه «المحاورة» سنة 1632 إلى البراهين التي أقامها البابا لنقض مذهبه الفلكي.
غير أنه مما لا يحتمل شكا أن الالتجاء إلى القول بأن إصدار قرار خطير النتائج كذلك القرار الذي صدر ضد «غاليليو» كان راجعا إلى نزعة شخصية قامت في نفس حبر الكنيسة الأعظم للالتجاء إلى شيء ليس من شأنه أن يحوط مذهب العصمة البابوية بالكثير مما يتطلع إليه الراغبون في بث هذا المعتقد في قلوب الناس.
وفضلا عن هذا فإن الألفاظ التي استعملت في درج الجمل نفسها تدل على سخافة استدلال أولئك الذين حاولوا الدفاع عن الكنيسة. فإن هذه الجمل قد تضمنت دائما كلمة «هرطقة» ولم تستعمل كلمة «احتقار» مطلقا هذا فيما يختص بالمسألة الأولى، أما المسألة الثانية فإن ما تنطق به المستندات الرسمية لم يبق طريقا لمؤول ولا سبيلا لمفسر؛ فإن هذه المستندات نفسها تظهر «غاليليو» دائما بمظهر الخاضع المنيب لقداسة البابا، وأنه تلقى براهين قداسته بصبر وطول أناة. ولا ريب في أنه قد فاض بكثير من عبارات الغضب والاحتقار في وجه الذين حاولوا إهانته وتعمدوا القدح فيه. غير أن الاعتقاد بأن ذلك كان السبب في محاكمته لأمر فيه من الإسفاف ما فيه، وهو فوق ذلك ينزل بالبابا «بولص الخامس» والبابا «أربان الثامن» و«بيلارمين» وغيره من اللاهوتيين، وأعضاء محكمة التفتيش إلى منازل الفجرة الآثمين؛ لأنهم تناقضوا تناقضا صريحا في تعيين الأسباب التي تحملهم على أن يقفوا ذلك الموقف من «غاليليو»، وعلى هذا لم يجد المدافعون عن الكنيسة من هزيمة هي أشبه بالانتصار، إلا بأن يفروا من ذلك الميدان فرارا.
Неизвестная страница