قال: وليه لأ؟ قوي.
وحكيت له ما استطعت من القصة؛ فلم يكن في مقدرتي ولا في مقدرة أحد أن يحكي له ما حدث بالضبط. هناك دائما أشياء لا يمكن حكايتها ولا يمكن التعبير عنها، وقد تكون أهم من الوقائع الكثيرة التي تحكى والتي يبنى الحكم على أساسها.
وحين انتهيت قال سيف النصر: طيب وإيه المشكلة؟
وتضايقت وأحسست أني أخرجت جزءا عزيزا من نفسي ووضعته أمام أنظار غريبة حتى لو كانت أنظار صديق. شعرت أني فعلت شيئا ما كان يجب علي أن أفعله، وفي نفس اللحظة أدركت باعثا آخر حدا بي إلى لقاء أحمد سيف النصر وتجهيز هذا المشهد كله، كنت أريد منه أن يفتيني، كنت أريد من شخص محايد مثله أن يعرف من مجرد ذكر الوقائع إن كانت سانتي تحبني أم لا. وإذا كانت تحبني فماذا يجب علي أن أفعل؟ وإذا لم تكن كذلك فكيف أتصرف ؟ وعلى الرغم من صلتي الوثيقة بأحمد، فقد كنت محرجا جدا أن أسأله ذلك السؤال؛ فقد يبدو له سخيفا، بل من المحتم أنه سيبدو في غاية السخف. وتصوروا هذا الشيء الذي كنت أحس أن حياتي كلها معلقة به، كان من الممكن أن يبدو شيئا سخيفا في أعين بعض الناس.
ولكن في ليونة وبلباقة قدت الحديث إلى هذه النقطة، وقلت له في النهاية: هل تعتقد أنها تحبني فعلا؟
كان سيف النصر على وضعه، يمسك بقدح البيرة الفارغ وكأنه يهم بالشرب منه، وابتسامته غير محددة المكان تائهة في وجهه، وعيناه تنظران إلي بطيبة من خلف منظاره الرخيص الذي لم يغيره من أيام التلمذة، حتى بعد أن أصبح جراحا كبيرا بالمستشفى.
وقال: ونعرف ليه؟ فلنفرض أنها تحبك.
قلت: ينحل المشكل، أتزوجها.
قال: ولكنها متزوجة.
قلت: تتطلق.
Неизвестная страница