وأغلقت الباب، وعدت أسترخي في الفراش وأدخن وأفكر في قصة الغرام التي تزوجت بها سانتي، ألهذا تستنكر حبي؟ ألهذا قاومتني بوحشية؟
ومرة أخرى وجدتني غير مهتم بسانتي نفسها، ماذا يهمني إن كانت تحب ما دامت لا تحبني أنا؟
ولم يعد أمامي إلا أن أقوم بتلك العملية البادية الاستحالة.
أن أنسى سانتي.
وتصور عملية تبدأ تفكر فيها وأنت متأكد تماما أنك لن تستطيعها، وأنك غير قادر عليها، وحتما ستفشل فيها، عملية تبدؤها وأنت يائس من نجاحها، بل حتى وأنت لا تتمنى لها في أعماقك النجاح؛ أن أنسى سانتي.
أجل، يجب أن أدرب نفسي، ومن لحظتي تلك أمتنع عن كل تفكير فيها؛ فأي تفكير فيها يجسدها حية أمامي بدمها ولحمها، وفي كل مرة أراها يشتد تمسكي بها. إني أملك إرادتي ويجب أن أستعمل إرادتي تلك، يجب أن أنهي هذا الاسترخاء الذي طال وأتصرف كرجل وكحازم.
وقمت منتفضا من الفراش وصنعت لنفسي قدحا من الشاي، وجلست على المكتب.
كانت الساعة تقترب من الرابعة، وضجة قليلة تصلني من سلم الخدم، وأبواب المطابخ تفتح وتغلق، ودوي حركة المرور في شارع الزمالك الرئيسي يحوم كوطواط غير محدد الملامح فوق المنازل والبيوت، والشاي أبنوسي اللون وبخاره يتصاعد في أمن وسلام، والسيجارة في فمي والقلم في يدي، وكل شيء معد للكتابة لإنهاء ما تأخر علي من مواضيع مهمة للمجلة.
ولكن الورقة ظلت بيضاء أمامي، أحاول أن أقنع نفسي أنها لن تظل بيضاء ، وأني حتما سأكتب فأملؤها بالرسوم أحيانا، وأحيانا أكتب اسمي واسم سانتي، ثم أعود وأشطبه وأرسم دوائر متداخلة، وفجأة أحس بدفعة حماس قوية فأمسك القلم في وضع أستعد لأكتب، ولكن بعد سطر واحد أدرك أنها دفعة حماس زائف، وأن يدي قد توقفت من تلقاء نفسها، وأنني ضيق إلى درجة البشاعة بما أكتبه؛ فأشطب السطر وأعود أحيط جبهتي بيدي وأكاد أصرخ: حتى الكتابة لا أستطيعها.
وفجأة سمعت جرس الباب يدق.
Неизвестная страница