صحة بقاء عيسى (ع) فما المانع من بقاء المهدي (ع)؟! مع كون بقائه باختيار الله تعالى وداخل تحت مقدوره سبحانه وهو آية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعلى هذا هو أولى بالبقاء من الاثنين الآخرين، لأنه إذا بقى المهدي (عليه السلام) كان امام آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا على ما تقدمت الأخبار، فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفا لهم في بقائه من عند رب العالمين.
والدجال إذا بقي، فبقاؤه مفسدة للعالمين، لما ذكر من ادعائه الربوبية، وفتكه بالأمة، ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى ليعلم المطيع منهم والعاصي، والمحسن من المسيء. والمصلح من المفسد، وهذا هو الحكمة في بقاء الدجال.
وأما عيسى (عليه السلام) فهو سبب ايمان اهل الكتاب للآية، والتصديق بنبوة سيدنا محمد سيد الأنبياء، وخاتم النبيين، ورسول رب العالمين (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويكون بيانا لدعوى الامام عند اهل الايمان ومصدقا لما دعا إليه عند اهل الطغيان بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ودعائه الى الملة المحمدية التي هو إمام فيها فصار بقاء المهدي (عليه السلام) اصلا، وبقاء الاثنين فرعا على بقائه، فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الأصل لهما؟!!
ولو صح ذلك لصح وجود المسبب من دون وجود السبب، وذلك مستحيل في العقول.
وإنما قلنا ان بقاء المهدي اصل لبقاء الاثنين لأنه لا يصح وجود عيسى (عليه السلام) بانفراده غير ناصر لملة الاسلام وغير مصدق للامام، لأنه لو صح ذلك لكان منفردا بدولة ودعوة، وذلك يبطل دعوة الاسلام من حيث أراد ان يكون تبعا فصار متبوعا، وأراد ان يكون فرعا فصار اصلا.
Страница 530