ألا كل شيء ما خلا الله باطل ومن طلب النصوص على ذلك بهرته كثرتها وتطابقها، ولعلها تزيد على المئين، وما يخطه المخالف في حكمة الله من أن إثباتها يستلزم افتقارا منه واستكمالا بغيره فهوس ووسواس، فإن هذا بعينه وارد عليهم في أصل الفعل، وأيضا فهذا إنما هو إكمال للصنع لا استكمال بالصنع، وأيضا فإنه سبحانه أفعاله صادرة عن كماله فإنه كمل ففعل لا أن كماله عن أفعاله، فلا يقال فعل فكمل كما يقال للمخلوق، وأيضا فإن مقصد الحكمة ومتعلقها وأسبابها عنه سبحانه فهو الخالق، وهو الحكيم ووهو الغني من كل وجه أكمل الغنى وأتمه، وكمال الغنى والحمد في كمال القدرة والحكمة، والمحال أن يكون سبحانه وتعالى فقيرا إلى غيره، فأما إذا كان كل شيء فقير إليه من كل وجه وهو الغني عن كل شيء فأي محذور في إثبات حكمته مع احتياج مجموع العالم وكلما يقدر معه إليه وهل الغنى إلا ذلك، ولله سبحانه في كل صنع من صنائعه وأمر من شرائعه حكمة باهرة، وآية ظاهرة، تدل على وحدانيته وحكمته،وعلمه وغناه، وقيوميته وملكه، لا تنكرها العقول ولا الفطر:
ولله في كل تحريكة
وفي كل شيء له آية ... وتسكينة أبدا شاهد
تدل على أنه واحد
قال: وبالجملة فنحن لا ننكر حكمة الله ونساعدكم على جحدها لتسميتكم إياها أغراضا، وإخراجكم لها في هذا القالب فالحق لا ينكر لسوء التعبير عنه، وهذا لفظ بدعي لم يرد به كتاب ولا سنة، وقال قال الإمام أحمد: لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين...إلى آخر ما قاله.
Страница 53