Герой-завоеватель Ибрагим и его завоевание Сирии в 1832 году
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Жанры
وسبب هذا الكتاب الذي أرسله إبراهيم باشا بهذه اللهجة، هو أن محمد علي أبلغ الدول سرا أن في نيته إعلان الاستقلال التام، في الوقت الذي أخذت فيه تركيا تستعد وتكسب عطف الدول عليها، بينما الجيش المصري منهوك القوى من الحروب، والخزانة في عجز.
فلما رأى محمد علي أن الباب العالي يثير الفتن ويحشد الجيوش ويستنجد روسيا لإخراجه من سوريا، أبلغ الدول أنه عزم على الاستقلال، وأرسل إلى ابنه إبراهيم ليكون على استعداد وأهبة، فلم يقر إبراهيم هذا الرأي كما ذكرنا. وها هو نص الكتاب الذي أرسله بوغوص بك الذي كان يتولى إدارة ديوان الخارجية إلى قنصل النمسا:
لا شك في أنك عرفت الميول العدائية التي أظهرها الباب العالي حديثا ضد مصر؛ فهو يجمع منذ بضعة شهور، وبدون سبب ظاهر، جيشا ضخما في سيواس بقيادة الصدر الأعظم رشيد باشا، مع أن سموه أرسل مندوبه لإتمام المباحثات بشأن الجزية التي تدفع وبشأن الجلاء عن أورفا التي أمر إبراهيم باحتلالها مؤقتا ليصد بعض القبائل البدوية المتمردة. وفي خلال ذلك أخذ الباب العالي يوزع الأموال بواسطة عبد الله باشا الذي كان حاكما في عكا لإثارة الثورات والفتن في جبل نابلس وخليل الرحمن والقدس. وقد عمت الثورة تلك الجبال وتطلب إخمادها مجهودا استنفد ثلاثة أسابيع. ولما وصل إلى محمد علي باشا خبر هذه الحركات العدائية، أبلغ قناصل الدول أنه قد يرى نفسه مضطرا لإعلان استقلاله؛ لأن الباب العالي لا يرضيه إلا هدمه سياسيا، والجميع يعرفون أن سموه لم يطلب في حين من الأحيان استقلاله، ولكن التفرقة التامة والدائمة بين الوطنين العربي والتركي هي الآن الضمانة الوحيدة العاصمة من النتائج المهلكة من جراء الحرب الأهلية الدائمة ومن غزوة أجنبية.
وإذا اعترف باستقلال سموه، فإنه يستطيع بعد هذا الاعتراف أن يحصر همه في تنظيم ماليته، وحشد 150 ألف مقاتل منظمين تنظيما تاما، فيتمكن من القيام بالمهمة الكبرى، وهي المبادرة لإنقاذ تركيا من روسيا.
ولما اطلع مترنيخ وزير خارجية النمسا على هذا الكتاب، كتب إلى سفيره في بطرسبورج: «إنا نستنتج من اعتراف محمد علي أنه يريد أمرين: استقلاله التام عن الباب العالي ، وإنشاء الدولة العربية.» وكان إنشاء الدولة العربية هاجسا مقلقا من هواجس مترنيخ، فكان يطلب اتفاق الدول الأربع للحيلولة دونه، ولكن إنكلترا كانت ترفض كل ارتباط دائم يحول دون حريتها، عملا بسياستها التقليدية. ولكن نظرها شزرا إلى محمد علي بدأ من يوم فتح الحجاز واليمن وطرد الإنكليز من مخا، وازداد بعد اتفاق كوتاهيه. ولم تجب محمد علي الذي طلب محالفتها ووضع جيشه قيد إرادتها، ولا أجابت على عرضه أن يفتح قناة للتجارة من القاهرة إلى السويس، ولا على طلب مشورتها في إرسال حملة ضد أحد ضباطه الذي ثار في بلاد اليمن، وأخذ السفن الإنكليزية، مع الوعد بأن يعيد تلك السفن، وكان صمتها عن كل ذلك فصيحا.
والذي يبين لنا وجهة نظر الإنكليز تقرير قنصلهم فارن في دمشق في سنة 1834، فقد قال في هذا التقرير إن تجارة إنكلترا لا تتمتع في بلد من بلاد العالم تمتعها في تركيا، وأن الرعايا الإنكليز لا يميزون في بلد تميزهم في بلاد السلطان، وأن محمد علي وحكومته لا يمكن أن يعطوا الإنكليز هذه الامتيازات، وفوق ذلك أن محمد علي ينشئ المعامل، وهو الآن يورد مصنوعاتها إلى سوريا. وكذلك من الوجهة السياسية، فإن الاتفاق مع الباب العالي أفضل.
وهكذا اتحدت إنكلترا مع تركيا منذ سنة 1834 لمكافحة محمد علي، وطلبت منه إنكلترا خدمة لتجارتها في مذكرة قدمها إليه الكولونيل كامبل في 21 أكتوبر 1834، بأن ينشئ طريقا للمركبات من أنطاكية إلى الفرات بطريق حلب، وأن ينشئ مستودعا للبضائع في أزمير، وأن يأذن بعض الإنكليز بإنشاء حياض على الفرات في الجهة التي يختارونها، وبأن يعين آلايا لحراسة الحياض والمستودعات، وبأن يرسل من لدنه من يوثق صلات المودة مع قبائل البدو حتى لا يعتدوا على المراكب الإنكليزية التي تنقل البضائع.
وكان رئيس العمل - أحد ضباط الطوبجية الإنكليزية - يريد نقل قطع مركبين حربيين من أنطاكية إلى الفرات، ومعهما شرذمة من الجنود الإنكليز، مع إنشاء طابية وحصون في بيره جك. فرد محمد علي بواسطة وزيره بوغوص أن المسألة خطيرة، والواجب أن يستأذن السلطان بشأنها ؛ لأن محمد علي لا يزال تابعا له. فسعى الإنكليز سعيهم لدى السلطان، فأصدر لهم فرمانا بذلك، ولكنه اشترط في هذا الفرمان أن يكون والي بغداد ووالي سوريا حرين مخيرين بالتنفيذ. ولما صدر هذا الفرمان، مال محمد علي إلى تناسي كل شيء بينه وبين الباب العالي، والاتفاق معه للحيلولة دون مشروع الإنكليز واحتلالهم العسكري. وإليك رأي إبراهيم باشا في الرد على كتاب والده في هذا الموضوع العظيم الشأن:
مما لا شك فيه أنه إذا توصل الإنكليز إلى إقامة المعاقل والحصون على مجرى الفرات، وحققوا الأمر الذي نخشاه كثيرا جدا، فقد يعرف الحقيقة القليل من الناس، ويدركون أنك لست السبب في ذلك. ولكن عامة الشعب الإسلامي الذي يجهل بواطن الأمور سيقولون إن هذه الأعمال التي تمت على حدودنا إنما كان إتمامها برضانا وتسليمنا. وأما الاتفاق الآن مع الباب العالي على ذلك، فهو من الأمور المستحيلة؛ لأن الحرب حفرت هاوية بيننا وبين الترك، وقلوبهم ملأى بالحفيظة علينا. زد على ذلك أن طلب الاستقلال الذي وجهته إلى الدول إبان ثورة جبال نابلس، قد أزال من نفوسهم كل ما بقي من الثقة بنا؛ فهم يرفضون كل اتفاق معنا، وهم يقولون: «إذا نحن اتفقنا مع الإنكليز بقيت لنا على الأقل بورصة وإستامبول، ولا تهدم السلطنة العثمانية. أما الاتفاق مع محمد علي فهو الفناء التام.» فلم يبق إذن من شك في أن الباب العالي يخشى على وجوده وكيانه من وراء الاتفاق معنا.
ويقول الدكتور صبري في كتابه «الإمبراطورية المصرية»: إن محمد علي لم ينتصح بنصيحة ابنه إبراهيم بشأن الاتفاق مع الباب العالي على مقاومة المشروع الإنكليزي الذي يمس الإسلام في الصميم، فوسط الروس بينه وبين الباب العالي، فغنم الباب العالي الفرصة، وأبلغ مسعاه السري إلى الإنكليز ليوقع بينه وبينهم؛ إذ كتب بوتنيف سفير روسيا في الآستانة إلى زميله الإنكليزي بونسوبي في 6 نوفمبر 1835 أنه قدم للباب العالي باسم محمد علي اقتراحا سريا بالمعنى الآتي:
Неизвестная страница