الفصل السادس فى مواد القضايا وتلازمها وجهاتها
كل محمول نسب الى موضوع بالايجاب، فأما أن تكون الحال بينهما فى نفس الأمر أن يكون ذلك الايجاب دائم الصدق أبدا لا محالة، أو دائم الكذب أو لا دائم الصدق ولا دائم الكذب.
فما يكون دائم الصدق-كحال الحيوان بالقياس الى الانسان، فان ايجابه عليه صادق أبدا لا محالة-يسمى (1) مادة واجبة.
أصاب المصنف فى ذلك لان المادة فى كلام ارسطو هى فى القضايا على نحوها فى الموجودات الخارجية فكما أن الصور الخارجية تعرض لموادها وتتحد معها كذلك القضايا تعرض لموادها وتنطبق عليها فمادة القضية هو ما تعبر عنه القضية بتمامها مستوفية جميع ما يلزم فى الحكم ولما كانت الاحكام لا تعتبر تامة خصوصا فى العلوم الحقيقية الا اذا روعى فى الحكم كيفية اتحاد الموضوع بالمحمول مثلا فى الواقع اذ بدون ذلك يكون الحكم مبهما غير متجل للنفس على ما هو عليه فى نفس الامر، لهذا لم يعتبر فى تسمية ما تعبر عنه القضية مادة الا عند تكييف حالة المحمول بالنسبة الى الموضوع باحدى تلك الكيفيات اذ بذلك تتم المادة التى تنطبق عليها الصورة الحقيقية للقضية، أما نفس الوجوب أو الامكان فلا معنى لتسميته مادة بل تكون التسمية من قبيل الاصطلاح المحض وهو لم يكن معروفا فى لسان ارسطو.
ثم ان المصنف يعتبر الدائم الذي لا ينفك ضروريا والحق مع رأيه هذا، فان من يحكم على موضوع بحكم دائم لا ينفك، لا يمكنه أن يحكم بعدم الانفكاك الا اذا لاحظ أمرا يوجب هذا الاتحاد الابدى والا كان الحكم بالدوام كاذبا وما يقضى بعدم الانفكاك هو
Страница 188