فناولها كأسا من خمر شمبانيا كانت بالقرب منه، فقالت: لست أريد الخمر ... إنما أريد ماء.
فلم يجبها، فشربت من الكأس وأعادتها إليه، فأراد أن يقبل يدها فجذبتها منه ولم تمكنه من تقبيلها، فلبثا بضع دقائق ساكتين ساكنين لا ينطقان بكلمة ولا يتحركان حركة، ثم قال «ڤكتور»: «أليس»، الله!
فقالت وهي ساترة وجهها بيديها: ويلاه ... من غضب الله! ولكنه سيعفو عفوا كريما.
إلهي لا تعاقبني فإني
مقر بالذي قد كان مني
وما لي حيلة إلا رجائي
وجودك إن عفوت وحسن ظني - لعله يعفو ويرحم. - حبيبي «ڤكتور»، إني لم أنم كما توهمت قبلا، لقد خدعني النباتي، فإني أكابد آلاما لا تطاق. - أترومين أن أفتح الباب ليذهب عنك الألم؟ - لا، بل لو أردت ذلك لما أمكن؛ فإني أبقيت المفتاح خارجا. - إذن ما برحت عازمة على شرب كأس الموت. - إلى آخر نقطة منها. - أوما تخافين الندم حين لا ينفع؟ - لا، لست أخاف الندم، ولكن قد اشتد علي الألم. - وأنا ...
وكانت «أليس» تتقلب على المقعد مما نالها من لفح السم، و«ڤكتور» بين يديها ينظر إليها متألما صامتا، ويمسح من حين إلى حين ما كان يقطر من جبينه وسائر وجهه من عرق الألم، ثم انطفأ القنديل، فقال: اللهم عفوا! اللهم عفوا! - أواه اواه! هذه بداءة الموت.
ثم طفقت تبكي بكاء الأطفال وهو لديها صامت يحتمل من السم وحرارة الحمى عذابا من مثل عذاب الجحيم، ثم قالت: «ڤكتور»، «ڤكتور»، هذه آلام مرة المذاق، هذا عذاب لا يطاق، آه ما أصعب الموت! آه ما أشنعه! - نعم، إنه من الصعب المستنكر أن يموت المرء في ريعان شبابه، ونضارة ذهنه، وبحبوحة لذته ومجده، آه يا «ماري» ويا أولادي ويا والدي! - هل تولاك الندم؟ - نعم، ندمت ... ولا غرو فإنهم يندمون لا شك علي، آه وا أسفاه عليك يا «ماري» يا ملكا كريما! - ويلاه! يا رباه! لم يزل يذكرها. - إن ذنبي إليها لذنب عظيم، فإنها ستموت لموتي لا محالة. - يعيد ذكرها متأسفا عليها، وا أسفاه! وأنا أكابد عنائي وأكتم دائي حتى لا أورثه غما، ثم أراه بغيري مشتغلا مهتما ... - أتحسدينها على أن أذكر ذنبي إليها بعد إذ رضيت الموت بين يديك. - ويلاه ويلاه! تراكمت الآلام وتواترت الأكدار.
ولو كان ضر واحد لاحتملته
Неизвестная страница