فقالت المركيزة: إن بي ظمأ وهذا ماء زلال، فقال «ڤكتور»: بل على خطوات قليلة من هذا المكان عين ماء أصفى من هذا الجدول وأشفى، فإن شئت صرنا إليها، فهي من أبهج متنزهات البلد. فأجابته إلى ذلك، فدخل بها بين ألفاف الأشجار على منحدر الهضبة حتى بدت لها العين من تحت قبة متهدمة يتكسر الماء على أحجارها، ومن حولها شجرات كبيرة من السنديان وارفة الظلال، وهي رائقة صافية كعين الديك أو مرآة الحسناء يتخللها النبات الأخضر، كأنه ترصيع الزمرد على صفحات الماس، وعلى الأرض مما يليها بساط سندسي زركشته يد الربيع بلآلئ الأزهار وجملة العين وما حولها فتنة للأبصار.
فجلست المركيزة تشرب الماء بكفها البيضاء، فناولها «ڤكتور» متهيبا راجف اليد حقة حمراء تسر الناظر آيلة إليه من أمه يحملها لورود الماء في الصيد، فتأملتها وأعجبت بحسب لونها وشكلها وما فيها من النقش، ثم أعادت النظر إلى العين وأطلقته في مجال جمال الوادي فرأته كما قيل:
وقانا لفحة الرمضاء واد
سقاه مضاعف الغيث العميم
نزلنا دوحه فحنا علينا
حنو المرضعات على الفطيم
وأرشفنا على ظمأ زلالا
ألذ من المدامة للنديم
يصد الشمس أنى واجهتنا
فحجبها ويأذن للنسيم
Неизвестная страница