Барика Махмудийя
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Издатель
مطبعة الحلبي
Номер издания
بدون طبعة
Год публикации
١٣٤٨هـ
(خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذَا الدِّينَ» الْعَظِيمَ الَّذِي هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ «يُسْرٌ» ضِدُّ الْعُسْرِ بِمَعْنَى السُّهُولَةِ فِيهِ تَلْمِيحٌ إلَى قَوْله تَعَالَى ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَإِشَارَةٌ إلَى حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا»؛ لِأَنَّ هَذَا الدِّينَ رُفِعَ فِيهِ التَّكَالِيفُ الشَّاقَّةُ مِنْ الْإِصْرِ وَالْأَغْلَالِ وَلِهَذَا.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ النَّقِيَّةِ الْبَيْضَاءِ» («وَلَنْ يُشَادَّ» مِنْ التَّشْدِيدِ بِمَعْنَى الْمُغَالَبَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ «الدِّينَ أَحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ» لَفْظُ أَحَدٍ فَاعِلٌ وَالدِّينَ مَفْعُولٌ لِيُشَادَّ («فَسَدِّدُوا» أَيْ قَوِّمُوا مِنْ سَدَّدَهُ تَسْدِيدًا قَوَّمَهُ وَقِيلَ مِنْ السَّدَادِ فِي الْأَمْرِ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ وَتَفْرِيطٍ أَيْ فَوَسِّطُوا فِي الْأُمُورِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ «وَقَارِبُوا» قِيلَ أَيْ إلَى السَّدَادِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ قَارِبُوا إلَى اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِذَلِكَ التَّسْدِيدِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ «وَأَبْشِرُوا» بِالْقَبُولِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالثَّوَابِ مِنْهُ وَبِالْمَنَازِلِ الْعَالِيَةِ وَالدَّرَجَاتِ الرَّفِيعَةِ غَيْرَ مُعْتَقِدِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنُوطٌ بِالْإِفْرَاطِ فِي الطَّاعَاتِ «وَاسْتَعِينُوا» عَلَى أَعْمَالِ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ («بِالْغَدْوَةِ» هِيَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ بُكْرَةً وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ نَفْسُ الْبُكْرَةِ أَوْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ («وَالرَّوْحَةِ» مِنْ الرَّوَاحِ وَهُوَ الْعَشِيُّ أَوْ مِنْ الزَّوَالِ إلَى اللَّيْلِ وَرُحْنَا رَوَاحًا سِرْنَا فِيهِ أَوْ عَمِلْنَا كَذَا فِي الْقَامُوسِ «وَ» اسْتَعِينُوا أَيْضًا («بِشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ» بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ السَّيْرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَقِيلَ السَّيْرُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ.
وَالْمَعْنَى عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ اعْمَلُوا آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَاسْتَرِيحُوا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ مَا يُقَالُ إنَّهُ تَشْبِيهُ حَالِ مَنْ أَرَادَ سَفَرَ الْآخِرَةِ بِحَالِ مَنْ يُرِيدُ سَفَرَ الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ كَمَا يَسْتَعِينُ فِي سَفَرِهِ بِالذَّهَابِ وَقْتَ الْغَدْوَةِ وَالرَّوَاحِ وَآخِرَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ يَسْتَعِينُ مَنْ أَرَادَ سَفَرَ الْآخِرَةِ بِالْعِبَادَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَالِاسْتِرَاحَةِ فِي غَيْرِهَا، فَإِنَّ «الْمُنْبِتَ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى» .
وَعَنْ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ يَعْنِي اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَعْمَالِ وَقْتَ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيْثُ تَسْتَلِذُّونَ الْعِبَادَةَ وَلَا تَسْأَمُوا تَبْلُغُوا مَقْصُودَكُمْ (وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ «وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ» مِنْ الِاقْتِصَادِ وَالتَّوَسُّطِ نُصِبَ عَلَى الْإِغْرَاءِ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْحَذْفِ نَحْوُ الْزَمُوا «تَبْلُغُوا» مَجْزُومٌ بِالْأَمْرِ الْمَحْذُوفِ أَوْ بِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ تَلْزَمُوا الْقَصْدَ تَبْلُغُوا آمَالَكُمْ وَتَصِلُوا إلَى مُرَادَاتِكُمْ أَوْ تَبْلُغُوا رِضَا رَبِّكُمْ وَقَبُولِ أَعْمَالِكُمْ وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «عَلَيْكُمْ
1 / 131