وقالت سنية بمرح: رأيت ولا شك ما غير فكرك!
فقال بغموض: في المرة القادمة تتضح الأمور!
الحق أنه في ليالي المعاناة وردت عليه فكرة الزواج كإلهام مشرق. ووثبت إلى إرادته عندما رأى أخت زميل له في القاهرة. ولم يكن حبا من أول نظرة، وجدها مقبولة وكفى، ولم يكن برئ تماما من سهام. وأنفق العطلة في التسكع مع الزملاء، وزار خاله وخالته أيضا، وهناك صارحهم بما أخفاه عن أمه وجدته. وجد منيرة ملهوفة على المصير أكثر من الجميع ولكنه لم يرو لها ظمأ. وقال رشاد بعتاب: القاهرة مشغولة بذاتها!
فسأله علي: ماذا تتوقع غير ذلك؟
وقالت منيرة في حيرة: الناس إما يحاربون أو يسالمون أما نحن فقد اخترعنا حالا جديدة غير مسبوقة بنظير!
وفي بيت خاله محمد ارتفعت درجة الغليان درجات أكثر. هو أيضا ثمل بالأسى عندما رأى سهام وهاجت شجونه. ولما عاملته برقة وأدب وتحفظ كأن لم يكن بينهما شيء حزن أكثر. وقالت له: نتمنى لك السلامة.
فلم يحدث له أي سرور. أما خاله محمد فقد لخص الموقف من وجهة نظره قائلا: إنه يضحي كل يوم بأرواح بريئة ليداري بها عاره!
فسأله: هل عندك حل يا خالي؟
فقال محمد: ولا حل غيره. اسمه الحل الإسلامي!
وشعر لأول مرة بأن شفيق منحاز إلى رؤية والده فأدرك مدى التغير الزاحف على آله في غيبته عنهم ما بين الكلية والجبهة. لكنه لم يحرز مدى الانقلاب الذي حل بسهام. إنها الآن مؤمنة بالثورة المطلقة. أجل لعب قلبها الدور الأول في ذلك، كما لعب العناد الجدلي دوره في انقلاب شفيق، ولكن النتيجة واحدة. وكانت تخوض عاصفة عنيفة وتشعر في الوقت ذاته بأنها ليست إلا بداية. وما تدري إلا وعزيز صفوت يقول لها: إني أدعوك إلى حجرتي بدلا من التسكع!
Неизвестная страница