Современная риторика и арабский язык
البلاغة العصرية واللغة العربية
Жанры
ونحن في هذا التوجيه نحمله على العناية بالقشور، بل بما هو أتفه منها وترك اللباب؛ أي التفكير السديد. (3)
وضرر ثالث هو أيضا نتيجة ما ذكرناه، نعني به: العناية بالأسلوب ومحاولة التلميذ أو الطالب أن يتعلم أساليب المتقدمين ويحاكي أحسنها وكأنها غاية الإنشاء، ونحن في كل هذا نكاد نجحد الذهن وعندما يشب هؤلاء الشبان يتجهون إذا ألفوا كتابا أو كتبوا في صحيفة وجهة الاقتباس والتزويق دون التفكير والبحث، وهذا ما نراه شائعا في كتبنا ومجلاتنا بل أحيانا نجد المصري المتعلم الذي درس في أوروبا واصطنع المنطق العلمي في تفكيره عاجزا عن التأليف في اللغة العربية؛ لأنه يجهل الاقتباس والتزويق ولذلك يحجم عن التأليف، فنحرم ثقافته مع حاجتنا العظيمة إليها.
فكيف نعالج هذه الحال؟ (1)
نعالجها أولا وقبل كل شيء بأن نجعل قواعد المنطق تقوم مقام قواعد البلاغة القديمة؛ أي دقة التعبير بدلا من تزويق التعبير، ومخاطبة العقل بدلا من مخاطبة العواطف. (2)
ونعالجها ثانيا بأن نقاطع الاقتباس في الإنشاء في المدارس الابتدائية والثانوية، ونجعل التفكير يقوم مقام الاقتباس، فيجب ألا تكون هناك «جملة مختارة»، تحفظ عن ظهر قلب، بل يجب أن يعود الصبي أو الشاب كيف يفكر ويبحث ويطلع. (3)
يجب أن نعرف أن الأسلوب هو الناحية الأخلاقية للكاتب؛ فإذا كان الكاتب فنانا يعيش الحياة الفنية وينظر إلى الدنيا من خلال العدسة الفنية؛ فأسلوبه فني، وإذا كان عالما؛ فأسلوبه علمي، وإذا كان اجتماعيا الخ.
وأسلوب الكتابة هو بعض أسلوب الحياة، فالرجل المستقيم الصريح في معاملاته يكتب في عبارة صريحة وفي كلمات لا تقبل الالتواء، فإذا طالبنا الصبي أو الشاب بأن يحسن الأسلوب في كتابته؛ فإنما نطالبه في الحقيقة بأن يتخذ أسلوبا حسنا في معيشته، وأن يرقي شخصيته، وإذ استقرت هذه القواعد في مدارسنا وتعلمها صبياننا وشبابنا فإننا سنجد عندئذ المؤلفين المفكرين والصحافة النيرة المرشدة، صحافة الشخصيات الكبيرة، والتفكير العلمي الدقيق.
الفصل العاشر
اللغة والجنون والإجرام
لا أقرأ جريدة الصباح حتى أجد جريمة أو جريمتين مرجعها إلى اللغة وسأحاول هنا معالجة هذا الموضوع الذي على ما يبدو عليه من اللون الفلسفي وعلى ما سيجد فيه القارئ من عمق؛ سيرتاح في النهاية إلى الاستنتاجات التي سنصل إليها وهي جد خطيرة في مجتمعنا المصري الحاضر، وهو بلا شك بحث فلسفي، ولكن في عصرنا الديمقراطي يجب أن يكون الأدب والفن والفلسفة للشعب بل لعامة الشعب التي على كل منا أن يعلمها ويرفعها. وقد قال سارتر زعيم الوجودية: «إن الفلسفة يجب أن تنزل عن أريكتها وتدخل في السوق.»
Неизвестная страница