227

Бакаийят

بكائيات: ست دمعات على نفس عربية

Жанры

لا تجعلني أقول إنك تركتنا،

أو جحدت أفضال المدينة التي رفعتك إلى قمم الأبطال،

بينما تركتها تسقط في الهاوية

بين أنياب الوحوش ذات المخالب القوية

والأجنحة المرفوقة كالعواصف العاتية.

أوديب :

وعرفت أيها الشيوخ. عرفت يا ابنتي المسكينة. اندفعت إلى الهاوية كما يندفع النسر البائس. وأمك بجانبي تحاول أن تهدئ روعي، وتشد الريش من جناحي. كان رسول من كورنثة قد حضر إلى طيبة. أنبأني كما تعلمون بموت أبي بوليبوس الذي تركته على فراش المرض. مات بالشيخوخة لا بيد الطفل المثقوب القدمين الذي قال الأعمى الملعون إنه سيصرعه.

وتظل أمك يا ابنتي تحذرني وتتوسل إلي: اهدأ يا أوديب. النبوءات تكذب ولا يثق بها الرجل الحكيم. ألم أحك لك عن تلك النبوءة التي أعلنت لزوجي العجوز؟ ألم يأت رسول من كورنثة فيبدد وهمك؟ الطفل الذي تنبأت بأنه سيقتل أباك قد مات من زمن طويل. وأبوك كذلك مات على فراشه في كورنثة. أما أمك فهي هناك في القصر تنتظر عودتك. اهدأ يا أوديب وسوف نزورها سويا. وستفرح بك وتضم البطل العائد إلى صدرها. وستضحك من أوهامك وخرافاتك يا زوجي، يا صاحب الرأس الحجري العنيد. وتضمك يا أنتيجونا أنت وأسمينا إلى صدرها تضعكما على صدري وهي تتضرع باكية: من أجل ابنتيك يا أوديب! من أجل ولديك الغائبين! فكر في مستقبل ذريتك، في مستقبل بناتك. ادفع عني يدها المتضرعة فتكبو فوق الدرج، وتصرخين يا أنتيجونا وتصرخ أختك. ويأتي رسول يستدعيني من داخل القصر، فأخرج على عجل، ويهمس في أذني بأنه قادم لتوه من السفر، وأنه فضل أن يلقاني قبل أن يدخل بيته ويرى أطفاله وينفض عن جسده غبار الطريق. أسألك: «ماذا عندك يا ولدي؟» يتأوه ألما ويقول: «سمعتها يا أوديب، سمعت صوتها الساحر المخيف.» «من يا ولدي؟» «الهولى يا أوديب.» «الهولى؟! أين؟ أين سمعت الصوت؟» يلتقط النفس الهارب ويتمتم: «عند الأسوار. حول البوابات السبع.» أسأله: «سمعتها أو رأيتها؟» «لا لم أرها. سمعت. سمعت.» «ماذا قالت يا ولدي؟» «لا أعرف يا أوديب؟ لم أفهم شيئا مما قالت. لكني سمعت اسمك أو هذا ما يبدو لي.» «اسمي؟ هل نادتني؟» يشهق بالدمع ويهتف: «أخشى هذا يا أوديب. يخرج صوت من قلب الحجر، وتخرج أصوات من جوف الأرض، تدوي في كل مكان: أوديب. أوديب.» أسأله: «هل قتلت أحدا؟» «لا أعلم.» «هل طرحت لغزا؟» «لا أعلم . لكن هذا ما تذكره عيناي وأذناي ورجفة قلبي الخائف: أوديب! أوديب!» تتدخل جوكاستا في الحديث، تصيح من أعلى الدرج: «نبوءة أخرى يا أوديب! نبوءة أخرى كاذبة!» أرد عليها: «تعلمين أنني أحتقر النبوءات. ثم إن هذا الرجل الفقير ليس كاهنا أعمى!» تصرخ: «إنه يردد أسطورة، ينقل همس الأوغاد. يلف خيطا جديدا حول رقبتك. انتظر يا أوديب! لا تذهب يا أوديب!»

أهتف بها وأنا ألوح بذراعي: «تعرفينني يا حبيبتي، لا بد أن أعرف.» تبكي وتولول: «ليتك لا تعرف أبدا من أنت. ليتك لا تعرف أبدا من أنت.»

ويرن صوتي المبتعد مع خطواتي المسرعة إلى خارج القصر، إلى خارج المدينة: «لا بد أن أعرف! لا بد أن أراها!»

Неизвестная страница