(الثالث): أن الوجه الذي ارتضاه تفسيرا للمراد من الآية، إنما يصح إذا كان الصحابي معتقدا لبقاء حكمه، وأما إذا ورد عنه ما يقضي بعدم البقاء عليه فلا، وقد تقدم ما روي عن ابن عباس من القول بنسخها وما تقدم عنه أيضا عند البخاري، وصاحب غرر الأخبار، والخطابي من رجوعه، ويؤيده أيضا ما أخرجه أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة}[النساء:24]، قال: نسختها {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}[الطلاق:1]، {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}[البقرة:228]، {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}[الطلاق:4]، وبهذا تندفع نسبته إلى ابن عباس القول: بأن الآية محكمة.
(الرابع): أن ما نفاه من كون معنى الآية: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للزوج مهرها... إلخ، خلاف ما ورد عن ابن عباس وغيره، فأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس في ناسخه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}[النساء:24]، قال: "التراضي أن يوفي لها صداقها ثم يخيرها"، وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال: "نزل ذلك في النكاح، فإذا فرض الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة أو صنعت إليه"، وذكر في الدر المنثور آثارا بمعناها.
Страница 17