Бахр Мухит

الزركشي d. 794 AH
80

Бахр Мухит

البحر المحيط في أصول الفقه

Издатель

دار الكتبي

Номер издания

الأولى

Год публикации

1414 AH

Место издания

القاهرة

ثُمَّ إذَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَفَاوَتَ الْعَارِفُونَ بِاعْتِبَارِ قِلَّةِ الْغَفْلَةِ وَكَثْرَتِهَا، وَقِلَّةِ الْمَعَارِفِ وَكَثْرَتِهَا، وَلِهَذَا قَالَ ﵊: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى كَثْرَةِ الْمَعْلُومَاتِ لَا إلَى التَّفَاوُتِ فِي الْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِالْمَعْلُومِ الْوَاحِدِ. وَلَوْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا لَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ كَمَا أَعْلَمُ فَهَذِهِ عِبَارَةُ التَّفَاوُتِ فِي نَفْسِ الْعِلْمِ، وَقَالَ أَيْضًا فِي التَّفَاوُتِ بِاعْتِبَارِ اعْتِرَاضِ الْغَفَلَاتِ قِلَّةً وَكَثْرَةً: «لَوْ تَكُونُونَ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» مُشِيرًا إلَى أَنَّ الْغَفْلَةَ تَخْتَلِسُهُمْ فِي غَيْبَتِهِمْ عَنْهُ وَتَتَحَامَاهُمْ بِحَضْرَتِهِ تِلْكَ الْحَضْرَةُ الْمُقَدَّسَةُ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَى صَاحِبِهَا وَسَلَامُهُ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا تَعَذَّرَ التَّفَاوُتُ فِي ذَوَاتِ الْعُلُومِ، فَلِمَ لَا أُضِيفَ التَّفَاوُتُ إلَى طُرُقِهَا؟ فَمِنْهَا الْبَدِيهِيُّ، وَمِنْهَا النَّظَرِيُّ. قُلْنَا: إذَا حُقِّقَتْ الْحَقَائِقُ فَكُلُّ عِلْمٍ نَظَرِيٍّ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمٍ بِمُقَدِّمَتَيْنِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. فَإِنْ قُلْت: فَنَرَى بَعْضَ الْمَعَارِفِ يَصْعُبُ وَبَعْضُهَا يَسْهُلُ. قُلْت: ذَلِكَ التَّفَاوُتُ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ نَشَأَ عَنْ كَثْرَةِ الْمُقَدِّمَاتِ لِلْعِلْمِ الْوَاحِدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ مَعْلُومَاتٌ تَرَتَّبَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلِكُلِّ مَعْلُومٍ مُقَدِّمَتَانِ، فَمَا جَاءَ التَّفَاوُتُ إلَّا مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الْمُحَصَّلِ مِنْ الْمَعَارِفِ، وَقِلَّتِهِ لَا مِنْ بُعْدِ الطَّرِيقِ وَقُرْبِهَا، وَالْمَعْلُومُ وَاحِدٌ.

1 / 82