195

Бахр Мухит

البحر المحيط في أصول الفقه

Издатель

دار الكتبي

Номер издания

الأولى

Год публикации

1414 AH

Место издания

القاهرة

قَالَ: وَحَكَى أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ أَنَّ أَبَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَعَ إلَى أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّ - وَأَبُو الْحَسَنِ كَلَّمَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَلَمْ يَنْجَعْ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَبِي عَلِيٍّ أَنْتَ تَشْنَؤُنِي: أَيْ تَبْغُضُنِي. قَالَ: فَوَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ. قَالَ أَبُو سَهْلٍ: وَكُنَّا نَتَعَصَّبُ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ فَمَضَيْنَا وَقَعَدْنَا عَلَى رَأْسِ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهِيَ قَنْطَرَةٌ بِبَغْدَادَ يُقَالُ لَهَا: الصَّرَاةُ وَكُنَّا نَنْتَظِرُهُ لِنَنْتَفِعَ بِهِ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، فَقَدْ وَقَعَ إلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَلَحَّ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ: أَبِجَدٍّ تَقُولُ: إنَّ الْكَائِنَاتِ كُلَّهَا بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرَهَا وَشَرَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي إيجَابِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ الْمُنْعِمُ الَّذِي خَلَقَهُ قَدْ أَرَادَ مِنْهُ الشُّكْرَ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ مِنْهُ أَنْ لَا يَشْكُرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ شُكْرِهِ.
فَإِمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ كَمَا قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَأْمَنَ أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ مِنْك تَرْكَ شُكْرِ الْمُنْعِمِ، وَإِذَا شَكَرْته عَاقَبَك فَلَا يَجِبُ عَلَيْك شُكْرُ الْمُنْعِمِ لِهَذَا الْجَوَازِ. فَتَرَكَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ هَذَا الْمَذْهَبَ وَرَجَعَ عَنْهُ، وَأَمَّا أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. قُلْت: قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي " الْعُمَدِ ": هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً

1 / 197