91

Бахр Мадид

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

Исследователь

أحمد عبد الله القرشي رسلان

Издатель

الدكتور حسن عباس زكي

Номер издания

١٤١٩ هـ

Место издания

القاهرة

Жанры

тафсир
يقول الحق ﷻ: واذكر إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، لما تبينت فضيلة، آدم أمرهم بالسجود، فقال لهم: اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود انحناء، فَسَجَدُوا كلهم، لأنهم شهدوا الجمع ولم يشهدوا الفرق، فرأوا آدم قِبْلَةً، أو نورًا من أنوار عظمته، إِلَّا إِبْلِيسَ أي: امتنع حيث نظر الفرق بحكمة الواحد القهار، فاستكبر وَكانَ من جملة الْكافِرِينَ. وكفره باعتراضه على الله وتسفيه حكمه، لا بامتناعه إذ مجرد المعصية لا تكفر. والله تعالى أعلم. الإشارة: إذا كمل تصفية الروح، وظهر شرفها، خضع لها كل شيء، وتواضع لها كل شيء، وانقاد لأمرها مَن سبقت له العناية، وهبت عليه ريح الهداية، لأنها صارت آدم الأكبر، إلا من إبلسته المشيئة، وطردته القدرة، فاستكبر عن تحكيم جنسه على نفسه، وكان من الكافرين لوجود الخصوصية، فجزاؤه حرمان شهود طلعة الربوبية، وهبوطه إلى حضيض العمومية. ثم ذكر الحق تعالى دخول آدم الجنة، ونزوله إلى الخلافة التي أخبر الحق تعالى بها قبل، فقال: [سورة البقرة (٢): الآيات ٣٥ الى ٣٧] وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) قلت: (رغدًا): صفة لمصدر محذوف، أي: أكلا رغدًا واسعًا، و(تكونا): منصوب، جواب الأمر، أو معطوف على (تقربًا)، و(أزلهما): أوقعهما في الزلل بسبب الأكل، أو أذهبهما عن الجنة، ويدل عليه قراءة حمزة: «فأزالهما»، وجملة (بعضكم لبعض عدو): حالية، أي: متعادين. يقول الحق ﷻ: وَقُلْنا يَا آدَمُ حين سجدت له الملائكة ودخل الجنة: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ حواء الْجَنَّةَ، وكانت خلقت من ضلعه الأيسر، وَكُلا من ثمار الجنة حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ: العنب أو التين أو الحنطة فَتَكُونا إن أكلتما منها مِنَ الظَّالِمِينَ لنفسيكما. فدخل إبليس خفية أو في فم الحية «١»، فتكلم مع آدم ﵇ فقال له آدمُ ﵇: ما أحسن هذه الحالة لو كان الخلود. فحفظها إبليس، ووجد فيها مدخلًا من جهة الطمع، فقال له: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلى فدلّه على أكل الشجرة، وقال: مَا نَهاكُما رَبُّكُما عنها إِلَّا كراهية

(١) ليس لنا البحث عن كيفية وسوسة إبليس لآدم، ولانقطع القول بلا دليل. وهذا من الإنصاف.

1 / 96