Бахр ал-Улум
بحر العلوم
طعام وسلاح، فطرقه بشر من الليل، فأخذ ما فيها من الطعام والسلاح، فلما أصبح عمي دعاني وقال لي: إنه أغير علينا الليلة فقلت: من فعله؟ فقال: بشير وأخوه. فجئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته أن بشيرًا قد سرق من عمي الطعام والسلاح، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه، وأما السلاح فليردوه علينا، فجاء قومه وكانوا أهل لسان وبيان فقالوا: إن رفاعة وابن أخيه عمدوا إلى أهل بيت منا يتهمونهم بالسرقة، فوقع قولهم عند النبيّ ﷺ موقعًا، فبين الله خيانتهم فنزل: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا وهو ابن طعمة. وقال الضحاك: سرق طعمة بن أبيرق اليهودي درعًا للزبير بن العوام، فاختصما إلى النبيّ ﷺ فقال للزبير: «لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى ذلك بِحُجَّةٍ قَيِّمَةٍ وَشَهَادَةٍ صَحِيحَةٍ» . فأنزل الله تعالى تصديقًا لقوله: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا. وقال مقاتل: سرق طعمة بن أبيرق المنافق درعًا من يهودي، فلما جاءوا إلى بيته بالأثر، رمى الدرع في دار رجل من الأنصار وأنكر، فجاء قومه ليبرئوه من السرقة فنزلت هذه الآية. وقال الكلبي: سرق طعمة بن أبيرق درعًا من جار له يقال له قتادة بن النعمان، فوضعه عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، وأنكر السرقة فجاء قومه يخاصمون عنه، فنزلت هذه الآية وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا.
قوله تعالى: وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ عن جدالك عن طعمة حين جادلت عنه إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا ثم قال تعالى: وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
يقول: ولا تخاصم عن الذين يضرون أنفسهم بالسرقة إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
أي خائنًا بالسرقة فاجرًا برميه على غيره. ثم قال تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ
قال الضحاك: لما سرق الدرع اتخذ حفرة في بيته، وجعل الدرع تحت التراب فنزل يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ
بالتراب وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
يقول: لا يخفى مكان الدرع على الله وَهُوَ مَعَهُمْ
أي رقيب حفيظ عليهم. ويقال:
يستخفون يعني يستترون من الناس وهم قوم طعمة، ولا يستخفون من الله يقال: ولا يقدرون أن يستتروا من الله وَهُوَ مَعَهُمْ
يعني عالمًا بهم وبخيانتهم إِذْ يُبَيِّتُونَ
يقول: إذ يؤلفون ويغيرون مَا لاَ يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ
يقول: ما لا يرضو لأنفسهم من القول وهم سرقوا، ويقال:
ما لا يرضى الله ولا يحبه. ثم قال: وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
أي عالمًا بهم وبخيانتهم، ثم أقبل على قوم طعمة فقال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ
يقول: ها أنتم هؤلاء جادَلْتُمْ
أي خاصمتم عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
يقول: فمن يخاصم الله عنهم يوم القيامة أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
أي كفيلًا، ويقال خصيمًا.
وقال الضحاك: أراد النبيّ ﷺ أن يقيم الحد على طعمة بن أبيرق، وكان طعمة مطاعًا في اليهود، فجاءت اليهود شاكين في السلاح، وهربوا بطعمة وجادلوا عنه، فنزل ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ
يعني اليهود الآية.
1 / 336