وفي نصف شهر جمادى الآخرة خرج محمد بن الإمام من صنعاء، بعد العصر، طريق الجراف، ثم ذهبان ، ثم سار إلى ضلع، صلى فيها المغرب والعشاء، وسار ليلا حتى بلغ إلى ثلاء آخر الليل، ولبث فيه نصف شهر، ولم يكن في المدينة من مآثر الدولة الأولة، لخراب أساس قصر عامر بن عبد الوهاب من المدة السابقة، فإنه كان هذا القصر عامرا في مدة المطهر إلى دولة السلطنة، وخرب وعمر بحجاره أهل البلد، ولم يبق إلا عمارة الحصن على حالها الأول دون قصر المدينة، إلا ما فيها عمارة لأهلها، ثم استدعاه صاحب كوكبان للضيافة فسار إلى هنالك، واتفق من بعض الخدامين قتل بواب شبام حال الدخول بسبب خصام أدى إلى عدم الاحترام والاحتشام، فطلع الجبل، ولم يبق فيه إلا قدر ثمانية أيام.
[52/ب]وفي آخر نهار السبت، تاسع وعشرين شهر جمادى الآخرة مات شرف الدين الحسين بن الإمام المؤيد بالله بوطنه ومستقره حصن شهارة، كان المذكور له معرفة بمنازل الناس والرعايات، وبقية من الطبقة الأولة بالنظر إلى هذه الأوقات، ولكنه كان يجور في الآداب، قد تبلغ نفاعته إلى المائة الحرف فأكثر في الشكايات، حتى أنه قد يتلطف المشكى به في ترك المشكى، وتسليم الحق من دونه على الوفاء، وكان إلى ولايته بلاد عفار وعاهم وضاعن ، بمساقط الشرف الأسفل . وكان أصحاب والده يحبونه، وكثيرا من الأعيان في جهات القبلة من المشائخ والرؤساء يودونه، بما يرون منه من الإنصاف لهم والإكرام مع أحوال الوقت وكانت وصيته مسندة إلى صنوه القاسم بن محمد ، قيل: وأوصى بالثلث من تركته للعلماء والمتعلمين. والله أعلم.
Страница 364