Бахжат Кулюб аль-Абрар ва Куррат Уюн аль-Ах'ийар
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Исследователь
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Номер издания
الأولى ١٤٢٢هـ
Год публикации
٢٠٠٢م
Жанры
المقاصد، صالحة أو فاسدة. والله يعلم المصلح من المفسد.
وأما نية المعمول له: فهو الإخلاص لله في كل ما يأتي العبد وما يذر، وفي كل ما يقول ويفعل. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البيّنة:٥] وقال: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر:٣] .
وذلك أن على العبد أن ينوي نية كلية شاملة لأموره كلها، مقصودًا بها وجه الله، والتقرب إليه، وطلب ثوابه، واحتساب أجره، والخوف من عقابه. ثم يستصحب هذه النية في كل فرد من أفراد أعماله وأقواله، وجميع أحواله، حريصًا فيه على تحقيق الإخلاص وتكميله، ودفع كل ما يضاده: من الرياء والسمعة، وقصد المحمدة عند الخلق، ورجاء تعظيمهم، بل إن حصل شيء من ذلك فلا يجعله العبد قصده، وغاية مراده، بل يكون القصد الأصيل منه: وجه الله، وطلب ثوابه من غير التفات للخلق، ولا رجاء لنفعهم أو مدحهم. فإن حصل شيء نم ذلك من دون قصد من العبد لم يضره شيئًا، بل قد يكون من عاجل بشرى المؤمن.
فقوله ﷺ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" أي: إنها لا تحصل ولا تكون إلا بالنية، وأن مدارها على النية. ثم قال: "وإنما لكل امرئ ما نوى" أي: إنها تكون بحسب نية العبد صحتها أو فسادها، كمالها أو نقصانها، فمن نوى فعل الخير وقصد به المقاصد العليا - وهي ما يقرب إلى الله - فله من الثواب والجزاء الجزاء الكامل الأوفى. ومن نقصت نيته وقصده نقص ثوابه. ومن توجهت نيته إلى غير هذا المقصد الجليل فاته الخير، وحصل على ما نوى من المقاصد الدنيئة الناقصة. ولهذا ضرب النبي ﷺ مثالًا ليقاس عليه جميع الأمور، فقال: "فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهجْرَتُهُ إلى الله ورسوله" أي: حصل له ما نوى، ووقع أجره على الله "وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" خص فيه المرأة التي يتزوجها بعد ما عم جميع الأمور الدنيوية لبيان أن جميع ذلك غايات دنيئة، ومقاصد غير نافعة١، وكذلك حين سئل ﷺ عن الرجل يقاتل شجاعة، أو حمية، أو ليُرَى مقامه في
_________
(١) ولعلّ السبب في تخصيص المرأة أنّ مناسبة
الحديث جاءت لأنّ رجلًا هاجر بسبب امرأة يقال لها "أمّ قيس" فسمّي "مهاجر أمّ قيس". والله أعلم وأحكم.
ثمّ رأيت شيخ الإسلام ابن تبيمية ﵀ أشار إلى ذلك في "بيان الدليل" ص٨٢. فالحمد لله على نعمائه.
1 / 15