(116)(ولا عليه فيكون أفقرا لغيره وذاك دأب الفقرا) أي صفاته تعالى الذاتية هي عين ذاته وليست هي غير ذاته كما زعمت الأشعرية القائلون بأن صفات الذات معان حقيقية زائدة على الذات قائمة بها، وهذا القول باطل لأنها لو كانت صفات ذاته تعالى غير ذاته للزم عليه إما أن تكون حالة في ذاته العلية، وهو باطل لأن ذاته العلية لا يصح أن تكون محلا للأشياء، وإما أن تكون بعضا من الذات العلية وهو باطل أيضا لأن ذاته العلية غير متبعضة والتبعض عليها محال. وإما أن تكون شيئا زائدا على الذات لا حالا فيها ولا بعضا منها، وهذا الوجه هو الذي اختاره الخصم وعولوا عليه وهو باطل أيضا لأنه لو كانت شيئا زائدا على الذات للزم عليه افتقار الذات إلى ذلك الزائد، والذات العلية كاملة بنفسها غير مفتقرة إلى غيرها، ومن كان مفتقرا إلى غيره فليس بإله لأنه عاجز في نفسه محتاج إلى غيره، ومن كان عاجزا ومحتاجا إلى غيره فهو بمعزل عن صفات الألوهية وعن الكمالات الذاتية، وأيضا فلو كانت صفات ذاته غير ذاته للزم عليه اما أن تكون مقارنة لذاته في الوجود فيلزم تعدد القدماء وهو باطل قطعا، وإما أن تكون سابقة على ذاته في الوجود فيلزم عليه حدوث الذات العلية وهو باطل أيضا، وإما أن تكون موجودة بعد وجود الذات العلية فيلزم عليه أن يكون الله عزوجل قبل حدوثها غير متصف بهذه الكمالات، فيكون غير قادر وغير عالم إلى آخرها وهو باطل قطعا، فثبت ما قلناه وبطل زعم الخصم.
قالوا: يلزمك على هذا التقرير(_( ) في (ب): التقدير. بالدال. _) نفي الصفات الذاتية.
قلنا: لا يلزمنا ذلك لأنا إنما ننفي الزيادة على الذات لا نفس الصفات.
قالوا: الزائد الذي نفيتموه هو نفس الصفات إذ لا يصح أن تكون الصفات عين الذات، فلو كان ذلك لما كان لإتصاف الذات بالصفات معنى لأنه من إتصاف الشيء بذاته فيكون معنى قولنا الله قادر بمعنى قولنا ذاته ذاته، ولا شك أن كل عاقل ينكر تساويهما.
Страница 176