وكيفية القبض عليه على ما جاء في الجبرتي أنه لما ذهب الباشا إلى مكة | استمر هو وابنه طوسون باشا مع الشريف غالب على المصادقة وبساط | المصافاة ، وجدد معه العهود والمواثيق والإيمان في جوف الكعبة بأن لا يخون أحد | صاحبه وكان الباشا يذهب إليه في قلة ، والآخر يأتي إليه وإلى ابنه كذلك | واستمروا على ذلك مدة ، وفي خامس عشر ذي القعدة دعاه طوسون باشا فأتى | إليه في قلة كالعادة فوجد بالدار عساكر كثيرة عندما استقر المجلس ووصل | عابدين بيك في عدة وافرة وطلع إلى المجلس فدنا منه وأخذ الجنبية من حزامه | وقال : أنت مطلوب للدولة فقال : سمعا وطاعة ولكن صبرا حتى أقضي أشغالي في | مدة ثلاثة أيام وأتوجه إليها ، فقال عابدين بيك لا سبيل إلى ذلك والسفينة | حاضرة في انتظارك ، فحصل في جميعه الشريف وعبيده رجة ، وصعدوا على | أبراج السراية وأرادوا الحرب فأرسل إليهم الباشا يقول لهم إن وقع منكم | حرب أحرقت البلد وقتلت أستاذكم ، وأرسل أيضا لهم الشريف يكفهم عن | ذلك وكان بهذه السراية أولاده الثلاثة فحضر إليهم الشيخ أحمد تركي وهو من | خواص الشريف وحزبه ، وقال لهم لم يكن هناك بأس وإنما والدكم مطلوب في | مشاورة مع الدولة ويعود لكم بالسلامة وحضرة الباشا يريد أن يقلد كبيركم | نيابة عن أبيه إلى رجوعه ولم يزل يكرر حتى انخدع كبيرهم لكلامه ، وقاموا معه | فذهب بهم إلى محل غير الذي به والدهم ووضعوا تحت الحفظ وفي الوقت نفسه | أحضر الباشا الشريف يحيى بن سرور وهو ابن أخي الشريف غالب وخلع عليه | وقلده إمارة مكة ونودي في البلدة باسمه وعزل الشريف غالب حسب الأوامر | السلطانية واستمر الشريف غالب عند طوسون باشا حتى أركبوه وأصحبوا معه | عدة من العسكر وذهبوا به وبأولاده إلى بندر جدة وأنزلوهم السفينة وساروا | بها من ناحية القصير إلى صعيد مصر . | | ثم ذكر الجبرتي في حوادث شهر محرم سنة 1229 خبر وصول الشريف غالب | إلى القاهرة فقال وفي يوم الأحد سابع عشرة وصل السيد غالب شريف مكة إلى | مصر القديمة وقد أتت به السفينة من القلزم إلى مرفأ ثغر القصير فتلقاه إبراهيم | باشا وحضر معه إلى قنا وقوص ثم ركب النيل بمن معه من أولاده وعبيدة | والعسكر الواصلين معه وحضر إلى مصر القديمة فلما وصل الخبر إلى كتخدا | بيك ضربوا عدة مدافع من القلعة إعلاما بوصوله وإكراما لمقامه ، على حد قوله | تعالى ^ ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) ^ هذا وبعد سفر الشريف غالب إلى مصر أمر | محمد علي باشا ولده طوسون باشا بالمسير إلى مدينة تربة لكنه التزم بالبقاء في | بلدة تدعى ( الكلخة ) بين الطائف وتربة عدة أيام لتأخر الشريف راجح في | إحضار الجمال التي كلفه الباشا بإحضارها للحملة . | ولما علم طوسون باشا أن المؤن كادت أن تنفد أمر بالسفر نحو مدينة تربة وهي | لا تبعد عن الكلخة إلا مسافة أربعة أيام ، ولكنه أبطأ بهم راجح في الطريق حتى | نفدت ، فحينئذ اضطر للرجوع خوفا من موت عساكره جوعا فعند ذلك انضم | الشريف راجح إلى عساكر الوهابيين لأنه كان متفقا معهم على خيانة المصريين | والإيقاع بهم ، فلما تقهقر المصريون عاد مع الوهابيين للهجوم عليهم فقابلهم | طوسون باشا وصدهم وفي أثناء ذلك ورد له المدد والمؤن فعاد بالكرة إلى تربة | ولم يتمكن من فتحها ، بل رجع ثانيا إلى الكلخة ومنها إلى الطائف وكتب إلى | والده بمكة يخبره بأنه تقهقر بسبب خيانة العرب ورئيسهم الشريف راجح وأنه | التزم بإحراق الخيم التي كانت معهم وكثير من لوازم العسكر حتى لا تقع في | أيدي العدو .
Страница 60