حلب فَرَأى بعض أَهلهَا في الْمَنَام السراج البلقيني فَقَالَ لَهُ لَيْسَ على أهل حلب بَأْس وَلَكِن رح إلى خَادِم السنّة إبراهيم الْمُحدث وَقل لَهُ يقْرَأ عُمْدَة الْأَحْكَام ليفرج عَن الْمُسلمين فَاسْتَيْقَظَ فَاعْلَم الشَّيْخ فبادر إلى قرَاءَتهَا في جمع من طلبة الْعلم وَغَيرهم يَوْم الْجُمُعَة بكرَة النَّهَار ودعا للْمُسلمين بالفرح فاتفق أَنه في آخر ذَلِك النَّهَار نصر الله أهل حلب وَقد حدث بالكثير وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة طبقَة بعد طبقَة وَألْحق الأصاغر بالأكابر وَصَارَ شيخ الحَدِيث بالبلاد الحلبية بلامدافع وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الأكابر ابْن خطيب الناصرية والحافظ ابْن حجر وامتحنه فَأدْخل عَلَيْهِ شَيخا في حَدِيث مسلسل رام بذلك اختباره هَل يفْطن أم لَا فَتنبه الْبُرْهَان لذَلِك وَقَالَ لبَعض خواصه إن هَذَا الرجل يعْنى ابْن حجر لم يلقني إِلَّا وَقد صرت نصف رجل إِشَارَة إِلَى أَنه قد كَانَ عرض لَهُ قبل ذَلِك الفالج وأنسي كل شئ حَتَّى الْفَاتِحَة ثمَّ عوفي وَصَارَ يتراجع إليه حفظه كالطفل شَيْئا فَشَيْئًا وَلما دخل التقي الحصني حلب بلغني أَنه لم يتَوَجَّه لزيارته لكَونه كَانَ يُنكر على لابسي الأثواب النفيسة وعَلى المتقشفين فَمَا وسع المترجم لَهُ إِلَّا المجئ إليه فَوَجَدَهُ نَائِما بِالْمَدْرَسَةِ الشرفية فَجَلَسَ حَتَّى انتبه ثمَّ سلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لَعَلَّك التقي الحصني ثمَّ سَأَلَهُ عَن شُيُوخه فسماهم فَقَالَ لَهُ إِن شيوخك الَّذين سميتهم عبيد ابْن تَيْمِية أَو عبيد من أَخذ عَنهُ فَمَا بالك تحط أَنْت عَلَيْهِ فَمَا وسع التقي إِلَّا أَن أَخذ نَعله وَانْصَرف وَلم يَجْسُر يرد عَلَيْهِ وَلم يزل على جلالته وعلو مَكَانَهُ حَتَّى مَاتَ مطعونًا في يَوْم الاثنين سادس عشر شَوَّال سنة ٨٤١ إحدى وَأَرْبَعين وثمان مائَة وَهُوَ يَتْلُو وَلم يغب لَهُ عقل وَدفن بالجبيل عِنْد أَقَاربه
1 / 30