[الآثار المترتبة على خروج أهل البيت من الإجماع] ولا يصح إجماع من الأمة يكون أهل البيت عليهم السلام خارجين عنه، لأن الله تعالى قد شهد وأخبر بعصمتهم إلى يوم القيامة، وإذا كان الحق لا يخرج عن أيديهم إلى يوم القيامة لم ينعقد إجماع الأمة حجة إلا بكون أهل البيت عليهم السلام غير خارجين عنه؛ لأن الله تعالى شهد بأنهم على الحق في آية التطهير وغيرها من الآيات، وفي الحديث المتواتر بين الأمة حديث السفينة وهو قوله [صلى الله عليه وآله وسلم]: ((أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى)) فشهد في ذلك وفي غير ذلك، وأخبر أنهم على الحق لا يفارقونه من غير إشارة إلى سائر الأمة، ولم يشهد الله تعالى ولا رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم للأمة بأنهم على الحق من غير اشتراطه تعالى واشتراط رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بوحي الله تعالى إليه دخول أهل بيت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذريته وعترته صلى الله عليه وآله وسلم في الأمة، بل أمر الله تعالى الأمة بالرد إلى أهل البيت عليهم السلام في المتنازع فيه وهم {أعني أهل البيت عليهم السلام) من المخاطبين، إذ هم من الأمة، فإذا نازعوا الأمة في شيء كان الحق اتباعهم، ويرد ذلك المتنازع فيه إلى علمائهم، لأنهم أولو الأمر بما قد بينت من أدلة الكتاب والسنة من وجوب اتباع عالمهم سابقا ومقتصدا، وإذا كانت ولايتهم واجبة من الله تعالى وجب الرد إليهم بقوله تعالى:[ ] {يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}(1) وقال تعالى في آية أخرى والقرآن كالشيء المتصل فقال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} والمتنازع فيه فهو أمر إما من الأمن أو من الخوف، فكل متنازع فيه فهو إما أمر من الأمن حيث السلامة أو هو أمر من الخوف حث عدمها ومن طاعة أولي الأمر وهم أهله ومعدوديه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذريته [صلى الله عليه وآله وسلم] ووصيه علي عليه السلام أبوهم، فهم أعني ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوهم علي عليه السلام أولي الأمر الذين قرن الله تعالى طاعتهم بطاعته تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى:[ ] {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}(2) فمن معظم طاعة أولي الأمر وهم من ذكرنا بإجماع العترة عليهم السلام وشيعتهم الرد إليهم ما التبس وتنوزع فيه من أمور الدين، والرد لذلك كذلك إلى السابق ومن في منزلته ودونه مجتهدا من العلماء المقتصدين من أهل البيت عليهم السلام وكذلك فإنهم أهل الذكر إجماعا وغيرهم مختلف فيه لأن الذكر هو القرآن لقوله تعالى:[ ] {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [21ب]وقوله تعالى: {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} وهم أهل القرآن وأنزل في بيوتهم الذكر، والذكر هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى:[ ] {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات}(1) وهم أهل رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] لأنهم عترته وذريته صلى الله عليه وعليهم أجمعين وإذا كانوا أهل الذكر بما تقرر من الأدلة فقد أمر الله تعالى بسؤالهم جميع من لم يكن قد أخذ العلم عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعنهم عليهم السلام بقوله تعالى:[] {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}(2) وإنما قلنا لمن لم يكن قد أخذ العلم عنهم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم {أعني عترته): ((تعلموا منهم ولا تعلموهم، ولا تخالفوهم فتضلوا)) وهذا أمر يقتضي الوجوب ونهي يقتضي الحظر لقوله تعالى:[ ] {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}(3) رجع الكلام إلى إجماع الأمة وهم {أعني أهل البيت عليهم السلام) أئمتها ومعظم شموس علمائها، وكل دليل يدل على أن إجماع الأمة حجة يدل على أن إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة فمن ذلك قوله تعالى:[ ] {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}(4) وإخباره تعالى بأن هذه الأمة {أعني أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم) خير أمة أخرجت للناس بقوله تعالى:[ ] {كنتم خير أمة أخرجت للناس ....إلى آخر الآية}(1)، وقوله تعالى:[ ] {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}(2) فقرن تعالى شهادتهم بشهادة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فأفاد ذلك عصمة جماعتهم، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم :[ ] ((لا تجتمع أمتي على ضلالة))(3) فهذه الأدلة نصت بصريحها على أن إجماع الأمة حجة قاطعة وعلى أن إجماع العترة حجة قاطعة فلا يجوز مخالفة أي الإجماعين إذا علم أي الإجماعين أي إجماع العترة ولو انفردة بإجماعها عن الأمة أو إجماع العترة منظمة إليها الأمة، فأما إجماع الأمة منفردة بإجماعها عن العترة فليس بحجة إجماعا.
فصل
والعترة في كون الإجماع حجة في كل عصر بإجماع العلماء العاملين وغير العلماء من المؤمنين والمؤمنات في كل عصر، لأن المعلوم أن علماء العصر الثاني لا يخالفون ما أجمع عليه علماء أهل العصر الأول.
فصل [في تعين أهل الإجماع]
وأهل الإجماع هم أهل العلم رجالا ونساء، وأحرار وعبيدا.
Страница 96