148

Бадр Мунир

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

فصفته أن يكون بالغا عاقلا؛ فلا تصح إمامة صبي ومجنون ولو كمل لهما العلم إجماعا ولقوله تعالى: {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون}(1) ولقوله تعالى لرسوله محمد -صلى الله عليه وآله وسلم: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}(2) يعني تعالى هاديا من ذريتك، كاملا في الهداية، قريبة هدايته من هدايتك؛ ومن المعلوم أن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الناس عقلا، وقد جعل الله تعالى إمامة ذريته فرعا على رسالته صلى الله عليه وآله وسلم ونبوته ورسالة سائر الأنبياء ونبوتهم -على جميعهم السلام- وقرنها بإنذاره ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال تعالى: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}(3) فيجب أن يكون للهادي من العقل إذا لم يكن أعظم أهل زمانه عقلا مثل أحدهم في البلوغ والعقل الكامل مع أنه أكثر من أحدهم عقلا لما علم الله تعالى فيه من المصلحة، وهو تعالى [40ب] أعلم حيث يجعل رسالاته، قال الله تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالاته}(4) والإمامة فرع الرسالة، فإذا لم تصح الرسالة إلا في البالغ العاقل كما ذلك معلوم من حال الرسل والأنبياء عليهم السلام فالإمامة لا تصح إلا لبالغ عاقل بطريق الأولى لأنها فرعها ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((رفع القلم عن ثلاثة: الصبي حتى يبلغ، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق))(5).

Страница 195