أجابت: نعم لأن زوايا الدنيا مشحونة بالمصائب، وقد نلت نصيبا وافرا منها.
فتنهد الشيخ، وقام من مكانه متقدما إليها، وقال: إنني خدمت جدك يا سيدتي من حين كنت في العاشرة من عمري، ولي عشر سنين في خدمة والدتك الخاصة، فاسمحي لي أن أقبلك عنها كما أوصتني؛ لأنني سأكون لك والدا بعد والدك.
فاقتربت بديعة منه وقبلت يده باحترام، أما هو فقبل جبهتها بحنو وجلس بجانبها، وأخذ يقص عليها ما يعرفه عن والدتها، عن غناها وأخلاقها وعذاباتها الماضية وفضائلها الجمة، فكانت نفس بديعة تنقبض مرة وتنبسط أخرى لسماع كلامه. ولما وصل بحديثه إلى كلام لوسيا عنها بأنها ماتت، تنهدت بديعة وقالت: أرجو أن يكون هذا الأمر آخر سعاياتها.
ولكنها لم تحزن؛ لأن سعاية لوسيا بضررها لم تقف عند ذاك الحد.
الفصل الخامس والثلاثون
الخبر الجديد
وبعد أن صرفت بديعة مع ميخائيل ساعتين تركته ينام ويأخذ قليلا من الراحة، وذهبت إلى غرفتها فوجدت أديبا وجميلة واقفين أمام الباب، وهيئة الأول تدل على السرور، بينما الثانية مطرقة إلى الأرض وهيئتها تنبئ عن اضطراب داخلي لكنه سار أيضا.
فلحظت بديعة أمرا، ولكنها لم تصدقه لأنها لم تحلم به من قبل، ولفرط فرحها لم تنتظر زوال اضطراب جميلة، بل ذهبت توا إليها، وطوقت عنقها قائلة: إن اسم «جميلة» حلو لذيذ، ولكنه أصبح بعد اليوم خلاصة الحلاوة واللذة والجمال؛ لأنه اسم والدتي المحبوبة. فشهقت جميلة ونسيت موقفها إذ قالت بفرح: اسم والدتك المحبوبة!
قالت بديعة: نعم. بعد أن نظرت إلى أديب، ومدت إليه يدها فصافحها.
وقال: ما هو الخبر السار؟
Неизвестная страница