يلح على قرصي ويبكي على جمل
فلو كنت عذري العلاقة لم تكن
بطينا وأنساك الهوى كثرة الأكل
فمن ذا الذي عرف الصبابة، أو قدر الهوى حق قدره؟
أليس كل ما لدينا من ذلك تلك الطرف القليلة، التي نتناقلها جيلا بعد جيل عن أولئك الشهداء الذين قضوا نحبهم في الحب، ثم مات الهوى من بعدهم كأن لم يكن شيئا مذكورا؟
أما - والله - إني لأعيذك أيها القارئ أن تحسب تلك الأسفار العديدة التي ملئت بالنسيب، ثروة للأدب والشعر؛ فإنما هي صدى أولئك الشعراء الذين وفوا لربهم، فأنعموا النظر في تعرف الجمال، وتفهم الصبابة، ويا بعد ما بين المحكي والحاكي.
كان الحارث بن خالد المخزومي من أحسن الناس تشبيبا، ويزعمون - مع ذلك - أنه كان يقول النسيب تظرفا ولا يعتقده، وكان أكثر شعره في عائشة بنت طلحة، فلما قتل عنها مصعب بن الزبير، قيل له: لو خطبتها، فقال: إني لأكره أن يتوهم الناس أني كنت معتقدا لما أقوله فيها.
فيا عجبا، أحسب ذلك الرجل أن من الشرف أن يقول بلسانه ما ليس في قلبه، وأن من الضعة أن يكون قلبه مرشدا للسانه؟!
لقد اعتاد الشعراء - من عهد بعيد - أن يبدءوا قصائد المديح بالنسيب، فكثر لذلك المتعشقون، وتعدد المتظرفون.
إذا كان مدح، فالنسيب المقدم
Неизвестная страница