Бадаи аль-фаваид
بدائع الفوائد
Издатель
دار الكتاب العربي
Номер издания
الأولى
Место издания
بيروت
وكان حقه أن يكون مستقبلا لفظا ومعنى فعدلوا عن لفظ المستقبل إلى الماضي لما ذكرنا فعدلوا عن صيغة إلى صيغة وعلى التقدير الثاني كأنهم وضعوا فعل الشرط والجزاء أولا ماضيين ثم أدخلوا عليهما الأداة فانقلبا مستقبلين والترتيب والقصد يأبى ذلك فتأمله.
المسألة الثانية: قال تعالى عن عيسى ﵊: ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ فهذا شرط دخل على ماضي اللفظ وهو ماضي المعنى قطعا لأن المسيح إما أن يكون هذا الكلام قد صدر منه بعد رفعه إلى السماء أو يكون حكاية ما يقوله يوم القيامة وعلى التقديرين فإنما تعلق الشرط وجزاؤه بالماضي وغلط على الله من قال إن هذا القول وقع منه في الدنيا قبل رفعه والتقدير إن أكن أقول هذا فإنك تعلمه وهذا تحريف للآية لأن هذا الجواب إنما صدر منه بعد سؤال الله له عن ذلك والله لم يسأله وهو بين أظهر قومه ولا اتخذوه وأمه إلهين إلا بعد رفعه بمئين من السنين فلا يجوز تحريف كلام الله انتصارا لقاعدة نحوية هدم مائة أمثالها أسهل من تحريف معنى الآية وقال ابن السراج: في أصوله يجب تأويلهما بفعلين مستقبلين تقديرهما إن ثبت في المستقبل أني قلته في الماضي يثبت أنك علمته وكل شيء تقرر في الماضي كان ثبوته في المستقبل فيحسن التعليق عليه وهذا الجواب أيضا ضعيف جدا ولا ينبئ عنه اللفظ وليت شعري ما يصنعون بقول النبي ﷺ " إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه" رواه البخاري ومسلم هل يقول عاقل إن الشرط هنا مستقبل أما التأويل الأول فمنتف هنا قطعا وأما الثاني فلا يخفي وجه التعسف فيه وأنه لم يقصد أنه يثبت في المستقبل أنك أذنبت في الماضي فتوبي ولا قصد هذا المعنى وإنما المقصود المراد ما دل عليه الكلام إن كان صدر منك ذنب فيما مضى فاستقبليه بالتوبة لم يرد إلا هذا الكلام وإذا ظهر فساد الجوابين فالصواب أن يقال جملة الشرط والجزاء تارة تكون تعليقا محضا غير متضمن جوابا لسائل هل كان كذا ولا يتضمن لنفي قول من قال قد كان كذا
1 / 45