لايعجبنك من يصون ثيابه ... حذر الغبار وعرضه مبذول
فلربما افتقر الفتى فرأيته ... وسخ الثياب وعرضه مغسول
قال ابن طالوت: فما رأيت أحدًا أحضر دهنًا منه، إذ تقول له الجارية: عطف عليك إلفك، فينفيها بقوله:
ليس لي إلف فيقطعني
قال: ولم يزل مجريا عليه رزقًا سنيًا إلى أن مات.
القسم الثاني ما تكون الإجازة فيه لشعر قديم فمنه إجازة بيت ببيت
كما روى إسحاق الموصلي، قال أبو المجيب شداد بن عقبة: دعا رجل من الحي - يقال له أبو سفيان - رجلا من حيه اسمه القتال الكلابي إلى وليمة، فجلس القتال ينتظر رسوله، ولا يأكل حتى ارتفع النهار، وكانت عند امرأته فقرة من حوار؛ فلما يئس قال:
فإن أبا سفيان ليس بمولمٍ ... فقومي فهاتي فقرةً من حوارك
قال إسحاق، فقلت له: ثم ماذا؟ قال: لم يأت بعده بشئ؛ إنما أرسله يتيمًا، فقلت: أفلا أزيدك إليه بيتًا آخر ليس بدونه؟ قال: بلى، فقلت:
فبيتك خير من بيوتٍ كثيرة ... وقدرك خير من وليمة جارك
فقال: بأبي أنت وأمي! والله لقد أرسلته مثلا وما انتظرت به العرب وإنك لبز طراز، ما رأيت في العراق مثله، وما يلام الخليفة على أن يدنيك ويؤثرك ويتملح بك؛ ولو كان السباب يشتري لابتعته لك بإحدى يدي، ويمنى عيني؛ على أن فيك بحمد الله منه بقيةً تسر الودود، وترغم الحسود.
هذا من رواية الأصبهاني تتصل بعمر بن شبة وحماد عن إسحاق. وفي رواية له تتصل بالأخفش ويزد المهلبي، أن إسحاق قال: أخبرني أبو زياد الكلابي، قال: أولم جار لي ...، وذكر الحكاية. والبيت الأول فيها لأبي زياد؛ فعلى هذا تكون من إجازة بيت عصري ببيت.
ومن ذلك ما روى أحمد بن أبي فنن
قال: دخل أبو نواس على الذلفاء جارية ابن طرخان، ودخل على إثره مروان بن أبي حفصة، فرفعه مولاها عنه، فغضب، وقال: أجيزي لجرير:
غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
فقالت - وكانت تشبب بالرشيد:
1 / 82