وليس الكلام في جرح الرجال على وجه النصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين: بغيبة، بل يُثاب متعاطي ذلك إذا قصد به ذلك (١).
وقد قيل ليحيى بن سعيد القطَّان: (أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خُصماءك يوم القيامة؟ قال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون رسول الله ﷺ خصمي يومئذ) (٢) «١».
وقد سمع أبو تراب النخشبي أحمد بن حنبل وهو يتكلم في بعض الرواة، فقال له: أتغتاب العلماء؟ ! فقال له: ويحك! هذا نصيحة، ليس هذا غيبة (٣).
ويقال: إن أول من تصدى للكلام في الرواة شعبة بن الحجاج، وتبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم تلامذته: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وعمرو بن على الفلاَّس، وغيرهم.
وقد تكلم في ذلك مالك، وهشام بن عروة، وجماعة من السلف الصالح.
______ [شرح أحمد شاكر ﵀] ______
«١» [شاكر] زيادة عن ابن الصلاح (ص: ٢٩٠). [شاكر]
(١) وأسند الخطيب في كفايته [١/ ١٧٦ - ١٧٧] قال: "كان شعبة يأتي عمران بن حُدير يقول: «يا عمران، تعال حتى نغتاب ساعة في الله ﷿» يذكرون مساوئ أصحاب الحديث".
ولحكم الجرح والتعديل وجوازه وكونه ليس بغيبة ينظر: "الكفاية" ١/ ١٤٩ - ١٧٩، و"شرح علل الترمذي" ١/ ٣٤٨، و"دراسات في الجرح والتعديل" ص: ٥٧ - ٦٣، و"تحرير علوم الحديث" ١/ ١٩١ - ٢٠٢
(٢) مطموس في "ح"
(٣) "الكفاية" ١/ ١٧٨