لم يحصل الوثوق بصحة قولهم لجواز الكذب حينئذ عليهم ، وإذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم ونهيهم ، فينتفى فائدة بعثهم وهو محال. الثاني ، لو صدر عنهم الذنب لوجب اتباعهم لدلالة النقل على وجوب اتباعهم ، لكن الامر حينئذ باتباعهم محال لانه قبيح ، فيكون صدور الذنب عنهم محال وهو المطلوب.
قال : الثالث ، فى أنه معصوم من أول عمره إلى آخره لعدم انقياد القلوب إلى طاعة من عهد منه فى سالف عمره أنواع المعاصى والكبائر وما تنفر النفس عنه.
اقول : ذهب القائلون بعصمتهم فيما نقلناه عنهم الى اختصاص ذلك بما بعد الوحى.
وأما قبله فمنعوا عنهم الكفر والاصرار على الذنب. وقال اصحابنا بوجوب العصمة مطلقا قبل الوحى وبعده إلى آخر العمر. والدليل عليه ما ذكره المصنف وهو ظاهر. واما ما ورد فى الكتاب العزيز والأخبار مما يتوهم صدور الذنب عنهم فمحمول على ترك الأولى جمعا بين ما دل العقل عليه وبين صحة النقل ، مع ان جميع ذلك قد ذكر له وجوه ومحامل فى مواضعه ، وعليك فى ذلك بمطالعة كتاب تنزيه الأنبياء الذي رتبه السيد المرتضى علم الهدى الموسوى رحمه الله وغيره من الكتب. ولو لا خوف الإطالة لذكرنا نبذة من ذلك.
قال : الرابع ، يجب أن يكون أفضل أهل زمانه لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا وسمعا. قال الله تعالى : ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ).
اقول : يجب اتصاف النبي بجميع الكمالات والفضائل ، ويجب ان يكون فى ذلك أفضل وأكمل من كل واحد من أهل زمانه ، لانه يقبح من الحكيم الخبير أن يقدم المفضول
Страница 38