وكانا يتجهان إلى (كوبري) قصر النيل وما تزال دونهما مسافة طويلة، فجريا نحو المسجد القائم على شاطئ النهر؛ إذ لم يجدا ملجأ قريبا سواه، فدخلا إليه يستظلان بسقفه، وكان الظلام حولهما كثيفا.
واندلعت أصوات المدافع تدوي من جوانب الأرض ومن أطباق السماء، كأنه يوم الفزع الأكبر إذ تزلزل الأرض زلزالها، وكان قوية أثبت من صاحبه جأشا، ولكنه كان بين حين وحين يتمتم في صوت خافت: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، ومضت ساعة طويلة ثم سمع صوت طويل فقال فؤاد: الحمد لله، هذه صفارة الأمان.
وخرجا إلى الشاطئ يسرعان نحو الدار في صمت.
وأنزل فؤاد صاحبه في غرفة أعد له بها فراشا، ثم استأذن قائلا: تصبح على خير يا قوية.
فقال: وأنت أهل للخير يا سيدي، سأقوم في الصباح الباكر عائدا إلى قريتي.
فقال فؤاد: بل تقيم معنا يومين.
فقال قوية: أشكرك يا سيدي، ولكني قد أخرج قبل أن أراك، فسأبكر في الصباح عائدا إلى قريتي، وحسبي من القاهرة أنني رأيتك.
فودعه فؤاد في حرارة، وقال قوية مؤكدا: عدني إذا مررت قريبا منا أن تعرج علينا، ستسر تعويضة إذا رأتك يوما.
فقال فؤاد وهو يهز يده: سأفعل يا قوية، ولا تنس أن تبلغها تحيتي.
9
Неизвестная страница