عادة وجوه المكفوفين، تقتحمه العين ولكنها تبتسم له وتلحظه في شيء من الرفق، حين تراه في حلقة الدرس مصغيا
7
كله إلى الشيخ يلتهم كلامه التهاما، مبتسما مع ذلك لا متألما ولا متبرما
8
ولا مظهرا ميلا إلى لهو، على حين يلهو الصبيان من حوله أو يشرئبون
9
إلى اللهو، عرفته يا ابنتي في هذا الطور، وكم أحب لو تعرفينه كما عرفته، إذن تقدرين ما بينك وبينه من فرق. ولكن أنى لك هذا وأنت في التاسعة من عمرك ترين الحياة كلها نعيما وصفوا!
عرفته ينفق اليوم والأسبوع والشهر والسنة لا يأكل إلا لونا واحدا، يأخذ منه حظه في الصباح، ويأخذ منه حظه في المساء، لا شاكيا ولا متبرما ولا متجلدا، ولا مفكرا في أن حاله خليقة بالشكوى. ولو أخذت يا ابنتي من هذا اللون حظا قليلا في يوم واحد لأشفقت أمك ولقدمت إليك قدحا من الماء المعدني، ولانتظرت أن تدعو الطبيب.
لقد كان أبوك ينفق الأسبوع والشهر لا يعيش إلا على خبز الأزهر، وويل للأزهريين من خبز الأزهر! إن كانوا
10
Неизвестная страница