ولم يعرف صاحبنا كيف يقول، ولكنه لم يمس من ذلك اليوم حتى عاد إليه موظف القصر يحمل إليه كتابا من كبير الأمناء بأن المقابلة التي التمس التشرف بها قد حدد لها تمام الساعة الحادية عشرة من صباح غد.
وسمع الفتى ذلك الكتاب فلم يملك نفسه أن قال: ولكني لم ألتمس شيئا.
قال موظف القصر في صوت يجري فيه الخوف: لا تقل هذا، فمراسم التشرف بمقابلة مولانا تقتضي دائما أن تطلب المقابلة.
وسكت الموظف قليلا ثم قال: هل عندك سترة الردنجوت؟
قال الفتى: نعم.
قال الموظف: ما شاء الله! كنت أريد أن أعيرك سترتي.
قال الفتى: لقد اتخذت هذه السترة حين كنت أتهيأ للزواج.
ولم تتم الساعة العاشرة من صباح غد حتى أقبل موظف القصر ذاك رحمه الله فصحب الفتى إلى حيث أسلمه لأحد الأمناء الذي أخذ يحدثه حتى حان موعد المقابلة، فصحبه إلى مكتب السلطان، وخف السلطان للقائه كأحسن ما يكون اللقاء، ثم أجلسه غير بعيد من المائدة التي كان يجلس إليها، وتلطف له في الحديث، وشمله بعطف كثير، وسأله: ماذا درس في فرنسا؟ وماذا نال من الدرجات الجامعية؟ فلما أنبأه الفتى بما درس وما نال من الدرجات أظهر الرضا، وأثنى على الفتى ثناء حسنا لأنه درس اللغتين القديمتين، ثم قال مترفقا: تعلم أني كنت رئيس الجامعة حين كنت أنت طالبا فيها
فأطرق الفتى ولم يجب، قال السلطان: إنما ذكرتك بذلك لأدعوك إلى أن تلجأ إلي كلما ضقت بشيء أو احتجت إلى عون.
واضطرب لسان الفتى بالشكر، ولكن السلطان دق الجرس ووقف، فوقف الفتى، وأقبل الأمين فصحبه إلى خارج الغرفة، وأسلمه إلى موظف القصر ليرده إلى داره.
Неизвестная страница