ويسمع الفتى هذا السؤال فيسرع إليه الوجوم، ولكن العناد يسبق الوجوم إلى عقله وقلبه جميعا، وإذا هو يرفض الإجابة عن هذا السؤال في صوت لا تردد فيه ولا اضطراب.
قال الأستاذ متلطفا: فإن من الحق عليك أن تجيب حين تسأل.
قال الفتى: ولكني لن أجيب.
قال الأستاذ: فقد اكتفيت.
ودعا طالبا آخر.
فانصرف صاحبنا محزونا مدحورا، مستيقنا أنه قد أخفق في الامتحان، وأن نجحه في أول الصيف قد ذهب هباء، مشفقا في الوقت نفسه على صاحبته من هذا الحزن الذي سيسعى إليها من غير شك، ولكن صاحبته تخرج به من هذه الغرفة مترفقة به قائلة له في ابتسامة عذبة: وما رأيك في فنجان من القهوة تتهيأ به للقاء أستاذ الفلسفة! وقال: وفيم لقاء هذا الأستاذ وقد ذهب الامتحان كله هباء؟
قالت متضاحكة: لا عليك، فقد كان هذا الممتحن غليظ الطبع قليل الحظ من الذوق.
وما زالت به حتى سقته القهوة، ثم عادت به إلى السوربون، فلقي أستاذ الفلسفة وسمع منه وقال له غير محقق في نفسه شيئا مما سمع أو مما قال.
وراحا إلى بيتهما وهو يضمر اليأس ويظهره، وهي تظهر الأمل، والله يعلم ما كانت تضمر.
وتكلف صاحبنا أن يشغل نفسه عن التفكير في الامتحان بالتفكير في مناقشة الرسالة التي تم طبعها وقدمت إلى السوربون، والتي سيحدد لمناقشتها فيما كان يقدر موعد قريب.
Неизвестная страница