أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك ولا أمر
فقد أقبل بها أخوه وقد طبعت مشطرة أو مخمسة، شطرها أو خمسها بعض الأزهريين، فجعل يقرأ في هذه القصيدة، ثم لم يلبث أن أعرض عن تشطير الأزهري أو تخميسه وأخذ في حفظ القصيدة نفسها مع أخيه.
وإنما ذكر الصبي هذه القصيدة؛ لأنه صادف في أثنائها بيتا كان يقع في أذنه موقعا غريبا، وهو قول أبي فراس:
بدوت وأهلي حاضرون لأنني
أرى أن دارا لست من أهلها قفر
فقد قرأه الشيخ الفتى وحفظه وأحفظه أخاه: ... ... ... ... لأنني
أرى أن دار الست من أهلها قفر
وكان الصبي يسأل نفسه عن معنى هذا البيت، كما كان يرى غريبا أن تأتي كلمة «الست» في بيت من الشعر، فلما تقدمت به السن وتقدمت به المعرفة أيضا قرأ البيت على وجهه ففهمه، وعرف كذلك أن كلمة «الست» ربما جاءت في شعر المحدثين من العباسيين ونثرهم أيضا.
وكذلك اتصل صاحبنا بالأدب على هذا النحو المضطرب المختلط، وجمع في نفسه أطرافا من هذا الخليط من الشعر والنثر. ولكنه لم يقف عند شيء من ذلك ولم يفرغ له، وإنما كان يحفظ منه ما يمر به حين تتاح له الفرصة، ثم يمضي لشأنه وفناقله.
Неизвестная страница