قالت السيدة لاكرستين بعد وقت قصير: «حسنا، من يود أن يلعب بريدج؟»
نطقتها متصنعة اللكنة بشكل جلي تماما. كانت لكنتها تزداد أرستقراطية مع كل كلمة تنطقها، وهو ما كان غير قابل للتفسير. بدا أن إليس وويستفيلد والسيد لاكرستين أرادوا اللعب. أما فلوري فرفض بمجرد أن رأى أن إليزابيث لن تلعب. كانت هذه فرصته الأخيرة للانفراد بها. حين انتقلوا جميعا إلى حجرة لعب الأوراق رأى بمزيج من الخوف والارتياح أن إليزابيث آخر من جاء. توقف في المدخل، معترضا طريقها، وكان قد شحب لونه لحد مخيف. انكمشت منه قليلا.
قال الاثنان في نفس الوقت: «أستميحك عذرا.»
قال هو وقد ارتعش صوته على رغمه: «لحظة واحدة. هل يمكنني التحدث معك؟ إذا كنت لا تمانعين، ثمة شيء لا بد أن أقوله.» «هلا تركتني أمر رجاء، يا سيد فلوري ؟» «أرجوك! أرجوك! إننا بمفردنا الآن. هل ترفضين حتى السماح لي بالكلام؟» «ما الأمر إذن؟» «هذا فقط. أيا كان الذي فعلته وضايقك، أرجوك أن تخبريني ما هو. أخبريني ودعيني أصلح الأمر. إنني لأقطع يدي ولا أضايقك. فلتخبريني ولا تتركيني لا أعلم حتى ما هو.» «لا أعلم حقا ما الذي تتحدث عنه. «أخبرك كيف ضايقتني؟» لماذا ترى أنك قد ضايقتني؟» «لا بد أنني فعلت! بعد الطريقة التي تصرفت بها!» ««بعد الطريقة التي تصرفت بها؟» لا أعلم ماذا تقصد. لا أعلم لماذا تتحدث بهذا الأسلوب الغريب من الأساس.» «لكنك تأبين حتى الحديث معي! هذا الصباح تغافلت عني أشد التغافل.» «قطعا أستطيع أن أفعل ما يحلو لي دون أن أسأل في ذلك.» «لكن أرجوك، أرجوك! لا بد أن تعلمي، فأنت لا تعلمين ما أشعر به من معاملتي باحتقار فجأة. بعد كل ما حدث، ليلة أمس فقط كنت ...»
تورد وجهها، وقالت: «أعتقد أن من منتهى ... منتهى الخسة أن تذكر تلك الأشياء!» «أعلم، أعلم كل ذلك. لكن ماذا بوسعي غير ذلك؟ لقد مررت بي هذا الصباح كأنني حجر. أعلم أنني ضايقتك بطريقة ما. هل يمكنك أن تلوميني إذا كنت أود أن أعرف ما الذي جنيته؟»
كان، كالعادة، يزيد الطين بلة بكل كلمة ينطق بها. أدرك أن جعلها تتحدث عن الشيء الذي ارتكبه، أيا كان، يبدو لها أسوأ من الشيء نفسه. لم تكن تنوي تفسيرا. كانت ستتركه في الظلام، تزدريه ثم تتظاهر بأن شيئا لم يحدث؛ تصرف النساء الفطري. إلا أنه ألح عليها مرة أخرى: «أرجوك أن تخبريني. لا أستطيع أن أترك كل ما بيننا ينتهي هكذا.»
قالت ببرود: «ما بيننا ينتهي؟ لم يكن هناك شيء لينتهي.»
شعر بجرح من فظاظة هذا التعليق، وقال سريعا: «لم تكوني هكذا يا إليزابيث! ليس من الكرم أن تتجاهلي رجلا تماما بعد أن كنت تعاملينه بود، ثم ترفضين حتى أن تخبريه بالسبب. الأحرى بك أن تصارحيني. أرجوك أن تخبريني ما الذي فعلته.»
رمقته بنظرة مواربة قاسية، قاسية ليس بسبب ما قد فعله، لكن لأنه جعلها تتحدث عنه. لكنها ربما كانت في لهفة لإنهاء الموقف، فقالت: «حسنا إذن، ما دمت تجبرني إجبارا على الحديث عن الأمر ...» «أجل؟» «عرفت أنه في نفس الوقت الذي كنت تتظاهر فيه ... حسنا، حين كنت ... معي ... آه، هذا بشع جدا! لا أستطيع أن أتكلم في الأمر.» «أكملي.» «عرفت أنك تحتفظ بامرأة بورمية. والآن، هلا سمحت لي بالمرور، رجاء؟»
وبهذا أقلعت - إذ لا يوجد كلمة أخرى مناسبة لذلك - أقلعت مولية عنه بحفيف من تنورتها القصيرة، واختفت داخل حجرة لعب الأوراق. ولبث هو يلاحقها بعينيه، وقد أعجزته الصدمة عن الكلام، وهو يبدو أحمق حماقة لا توصف.
Неизвестная страница