كانا قد عبرا السياج والتقطا سلاحيهما للتو حين صدرت سلسلة من الصيحات من حافة الغابة. جاء اثنان من مثيري الطرائد يركضان نحوهما بقفزات هائلة، وهما يلوحان بذراعيهما في الهواء بشدة.
تساءلت إليزابيث: «ما الأمر؟» «لا أعلم، ربما رأيا حيوانا ما أو شيئا من هذا القبيل. يبدو من منظرهما أنه خبر حسن.» «مرحى! هيا بنا!»
انطلقا يركضان وعبرا الحقل سريعا، مخترقين الأناناس والحشائش الجافة الشائكة. كان كو سلا وخمسة من مثيري الطرائد واقفين في حشد يتحدثون كلهم في نفس واحد، بينما جعل الاثنان الآخران يومئان بحماس لفلوري وإليزابيث. وحين وصلا إليهم رأيا في وسط المجموعة امرأة عجوزا ترفع إزارها المهلهل بيد وتشير بسيجار كبير في اليد الأخرى. استطاعت إليزابيث أن تسمع كلمة ما بدت مثل «تشار» تتكرر عدة مرات.
تساءلت: «ما الذي يقولونه؟»
احتشد مثيرو الطرائد حول فلوري، يتحدثون كلهم بلهفة ويشيرون ناحية الغابة. بعد بضعة أسئلة لوح بيده ليسكتهم والتفت إلى إليزابيث وقال: «ويحي، صادفنا بعض من الحظ! كانت هذه المرأة العجوز تجوب الغابة، وتقول إنها لدى سماع صوت الطلقة التي أطلقتها لتوك رأت نمرا يجري عبر الممر. يعلم هؤلاء الرفاق أين قد يختبئ. إذا أسرعنا ربما تمكنوا من تطويقه قبل أن يتسلل هاربا، وإخراجه من مخبئه. هلا حاولنا؟» «هيا بنا! يا لها متعة بالغة! كم هو رائع، كم هو رائع أن نستطيع صيد ذلك النمر !» «هل تدركين أنه أمر خطير؟ سنظل متقاربين وستمضي الأمور على ما يرام غالبا، لكن السير ليس آمنا أبدا على الإطلاق. هل أنت مستعدة؟» «بالطبع، بالطبع! إنني لست خائفة. هيا نسارع ونبدأ!»
قال فلوري لمثيري الطرائد: «ليأت أحدكم معنا ويرينا الطريق. وأنت يا كو سلا، ضع المقود لفلو واذهب مع الآخرين. فلن تصمت أبدا معنا.» ثم أردف قائلا لإليزابيث: «علينا أن نسرع.»
رحل كو سلا ومثيرو الطرائد مسرعين بحذاء حافة الغابة. مثير الطرائد الآخر، نفس الشاب الذي كان قد تسلق الشجرة من أجل الحمامة، توغل في الغابة، وفي أثره فلوري وإليزابيث. وبخطوات قصيرة سريعة، تشبه الركض، قادهما إلى متاهة من مسارات الحيوانات. كانت الشجيرات تنمو منخفضة جدا حتى يكاد المرء يضطر للزحف أحيانا، وكانت النباتات المتسلقة متدلية عبر المسار مثل أسلاك الفخاخ. كانت الأرض مغبرة وساكنة تحت أقدامهم. وعند معلم ما في الغابة توقف مثير الطرائد، وأشار إلى الأرض إشارة إلى أن هذه البقعة مناسبة، ثم وضع إصبعه على شفتيه ليأمر بالصمت. وأخرج فلوري من جيبه أربعة من خراطيش صيد الحيوانات ضخمة وأخذ سلاح إليزابيث ليحشوه في صمت.
كان وراءهم حفيف خافت جعلهم جميعا يجفلون. كان شاب شبه عار معه قوس قاذف للكرات، لا أحد يدري من أين جاء، قد شق طريقه من بين الشجيرات. وقد نظر إلى مثير الطرائد، وهز رأسه وأشار إلى مقدمة المسار. جرى بين الشابين حوار بالإشارات، ثم بدا مثير الطرائد موافقا. ومن دون كلام تسلل الأربعة أربعين ياردة على المسار، وحول منعطف، ثم توقفوا مرة أخرى. في نفس اللحظة انطلقت من على بعد بضع مئات الياردات جلبة من الصيحات، تخللها نباح فلو.
شعرت إليزابيث بيد مثير الطرائد على كتفها، تدفعها إلى أسفل. جلس الأربعة القرفصاء متسترين بإحدى الشجيرات الشائكة، الأوروبيون في المقدمة، والبورميون خلفهم. واشتد من على بعد صخب صيحات وصليل إعمال السيوف في جذوع الأشجار حتى إنه كان يستعصي على المرء أن يصدق أن بإمكان ستة رجال إحداث كل هذه الضجة. شاهدت إليزابيث بعض النمل الكبير ذي الصفرة الباهتة يسير مثل الجنود على أشواك الشجيرة. وسقطت واحدة على يدها وزحفت صاعدة على ساعدها، لكنها لم تجرؤ على الحركة لإزاحتها. كانت تصلي في صمت قائلة: «أتضرع إليك يا إلهي أن تجعل النمر يأتي! أرجوك يا إلهي أن تجعل النمر يأتي!»
تعالى فجأة صوت طقطقة على الأوراق. فرفعت إليزابيث سلاحها، إلا أن فلوري هز رأسه بشدة وأنزل ماسورة السلاح مرة أخرى. جاءت واحدة من دجاج الأدغال تعدو عبر الممر مسرعة بخطوات طويلة صاخبة.
Неизвестная страница